الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزهد في الدنيا لا يتنافى مع الاستمتاع بالطيبات الفرح المشروع

السؤال

كيف نوفق بين قول النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: لا تشاؤم. وبين قوله أيضاً: كن في الدنيا كالغريب، أو كعابر سبيل. وقوله أيضاً: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
عندما أتذكر الفرح وأريد أن أفرح، تستوقفني تلك الأحاديث.
ما ردكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم حديثا بلفظ: "لا تشاؤم" لكن إن قصدت حديث: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. إلى آخر الحديث الصحيح، والذي ذكرنا معناه في الفتوى: 61432 ، فهذا لا علاقة له بالأحاديث التي ذكرتَها, ولا تعارض بينه وبينها.

والتشاؤم غير مشروع, ويعتبر من سوء الظن بالله -تعالى- والذي ينبغي للمسلم أن يتصف بالتفاؤل دائما.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال الحليمي -رحمه الله-: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يُعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوءُ ظنٍّ بالله -تعالى- بغير سببٍ مُحقق، والتفاؤل حُسن ظنٍّ به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله -تعالى- على كل حال. اهـ.

وراجع المزيد عن حسن الظن بالله -تعالى- في الفتوى: 350215

والحديثان اللذان ذكرتهما يحثان على الزهد في الدنيا, وهذا لا يتنافى مع حسن الظن بالله -تعالى- والفرح المنضبط بضوابط الشرع, والاستمتاع بملذات الدنيا المباحة.

يقول ابن كثير في تفسيره: وقوله: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}. أي: استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة، في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة. {ولا تنس نصيبك من الدنيا} أي: مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس، والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا. اهـ.

وقال أيضا: {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}. فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. اهـ.

وراجع المزيد في الفتوى: 215854 وهي بعنوان: "الفرح الممدوح، والفرح المذموم"

وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 61644

وعن مفهوم الزهد وحقيقته في الإسلام، انظر: 18551. 118341

فما تسمعه من الأحاديث المتعلقة بالزهد في الدنيا، لا ينبغي أن يمنعك من الفرح المنضبط بضوابط الشرع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني