الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يمنعها والدها من زيارة أمها والذهاب للجامعة ويدعو عليها

السؤال

أبي وأمي منفصلان، ونحن نعيش مع أبي، وهو صعب الطباع، فأنا أخدمه طوال الفترة الماضية؛ لأني ابنته الوحيدة، وباقي أولاده ذكور. وعند الحديث معه ينفي خدمتي له.
وأنا طالبة جامعية، فكنت أقصر بعض الأوقات في تنظيف البيت، نظرا لظروف جامعتي، فبدأ يعد عليّ ما أقصر فيه، حتى ينفي خدمتي له، ومن ثم يبدأ في الشكوى: لماذا لا أخدمه، وأنه لم يقصر معي، وسيطالب بذلك الحق المهدر أمام الله، غير أنه يمنعني من الذهاب إلى أمي أنا وإخوتي سوى مرة واحدة في الأسبوع، ويقول: هي التي تركت البيت.
وفي آخر نقاش معه يقول: إنه يريد أن يمنعني نهائيا من الذهاب إلى أمي؛ لأنه لا طاقة له بذهابنا مرة في الأسبوع، حيث نتركه وحيدا، وإذا أصررنا على الذهاب، عندما نأتي يقول: لقد رميتموني، والله سيعاقبكم على ذلك السلوك، وهو غير راض عنا.
وعندما يتحدث إلينا إذا قلنا شيئا ليس على هواه، يمنعني من الذهاب إلى الجامعة، وفي مرة ضربني ضربنا مبرحا في أحد النقاشات، ولم ألفظ فيه بشيء سيئ. وعندما خرجت إلى أمي قال: لا أسمح لك بالذهاب إلى أي مكان.
سؤالي هنا: هل إذا خرجت إلى الجامعة في هذه الحالة أكون آثمة؟ وأيضا هل ذهابنا مرة في الأسبوع إلى أمي عدل؟ وهل يمكن أن نمكث عند أمي أنا وإخوتي، ونأتي إليه زيارة؟
مع العلم أن لديه مشاكل صحية، ويقول: إنه لا يستطيع خدمة نفسه، وإذا دعا علينا ظلما هل تستجاب دعوته؟ كأن نذهب إلى أمنا أكثر من مرة في الأسبوع، فيدعو علينا، غير أننا لا نشعر بالأمان معه؛ فقد قال لي مرة: إذا لم تأت لك أزمات نفسية بعد، فسأكون سببا لكي أجلبها لك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان أبوك يمنعك من الذهاب إلى الجامعة لغير مسوّغ؛ فلا حرج عليك في الذهاب إلى الجامعة دون إذنه، وراجعي الفتوى: 259012.

وإذا منعك من زيارة أمّك بالقدر الذي يعد في العرف صلة لأمّك؛ فلا طاعة له في ذلك؛ فطاعة الوالدين لا تكون إلا في المعروف؛ وبرّ الأمّ واجب من أوجب الواجبات، وقدر الزيارة الذي يحصل به برّ الأمّ؛ يختلف باختلاف الأحوال حسب قرب مكان الأمّ وبعده، وحاجتها إلى الزيارة. فاحرصي على زيارة أمّك بالقدر الذي تحصل به صلتها، ولو بغير علم أبيك.

واعلمي أنّ خدمة أبيك واجبة على جميع أولاده، وراجعي الفتوى: 127286.

وإذا لم يكن في ترك الإقامة مع أبيك تضييع له، وكان بقاؤك عند أمّك مأمونا؛ فلا مانع من إقامتك عند أمّك مع مداومة برّ والدك، ورعايته، وخدمته بالمعروف، وراجعي الفتوى: 285832.

وإذا قمت بما عليك من البرّ؛ فلا يضرّك دعاؤه عليك بغير حقّ -إن شاء الله-.

قال ابن علان في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: ... ودعوة الوالد على والده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه. انتهى.

وقال المناوي: وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني