الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقوق الأب الفاسق الظالم على أولاده

السؤال

والدي شخص سيئ جدًّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى: سيئ أخلاقيًّا، ودينيًّا، وفي تعامله مع من حوله.
منذ أن كنا صغارًا جدًّا كان يضربنا بالسلك إلى أن تظهر في أجسامنا خطوط زرقاء من آثار الضرب، ويتشاجر دائمًا مع أمّي، ويضربها ضربًا مبرحًا، رغم أن أمّي طيبة جدًّا لم تكن تفعل أي شيء خاطئ، ولم تشتكِ له أبدًا من المصاريف، وترضى بالراتب، وتعرف كيف تدبر الفلوس.
وكان يطردنا دائمًا من الشقة عندما يتشاجر مع أمّنا، ونجلس -نحن البنات الثلاث- مع أمّنا وحدنا، وهو يجلس في البيت، ولا يسأل عنا.
قبل ذلك كان يسب دِين إمام الجامع؛ لأنه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم قبل أن يبدأ الأذان، ويقول: إن ذلك خطأ، وهو لا يصلي أصلًا، وعند الأذان يكون نائمًا، أو يشاهد النت والتليفزيون.
وعندما لا يعجبه شخص في العمل، أو لا يطيع أوامره، يترصّد له إلى أن يطرده من العمل، ووقف لناس كثيرين في لقمة عيشهم.
اتّهم أمّي بموضوع غير طيب؛ بسبب خياله المريض، وأمّي دائمًا في حالها، ولا تنزل من البيت إلا لجلب الأكل، ولم تقطع ورد القرآن كل يوم.
لقد ظلمها كثيرًا، رغم أنها كانت نعمة في حياته، إلى أن تركنا له البيت.
تراكمت أشياء كثيرة جدًّا، وترتّب عليها كراهية كبيرة جدًّا له، وأصبحت أعامله بشكل غير جيد، ولا أريد أن أسمع سيرته، وحتى لو تغيّر فلن أستطيع أبدًا أن أنسى ما فعله بنا.
أمّي تقول لي: حرام عليك، ولا بد أن تكلميه، وستحاسبين على ذلك، حتى لو كان سيئًا؛ لأن ربنا أمرنا أن نطيع الوالدين في كل شيء، إلا الشرك بالله، فهل هذا صحيح؟ وهل لا بد أن نعامله بطريقة حسنة حتى لو كان مقصِّرًا في حقنا، ومعاملته غير جيدة لنا!؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان والدك على الحال التي ذكرت في سؤالك؛ فهو ظالم لكم، ومسيء غاية الإساءة، ولا سيما إذا كان يسبّ الدِّين، ويترك الصلاة المفروضة، فأي دِين وخُلُق بقي له بعد ذلك!

ومن كان حاله هكذا؛ فبُغضه والنفور منه؛ سائغ لا غرابة فيه.

ولا إثم عليكم في كراهيتكم له؛ بسبب فسقه وظلمه، لكن مع ذلك فلا يحلّ لكم أن تعقوّه، وتقطعوه بالكلية؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.

فالواجب عليكم صلته بالمعروف، والصبر، ومجاهدة النفس على ذلك.

ومن حقّه عليكم: أن تجتهدوا في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحكمة، والرفق، والسعي في استصلاحه، وإعانته على التوبة إلى الله تعالى، والدعاء له بالهداية، وراجعي الفتوى: 392821. ولمعرفة حدود طاعة الوالدين، راجعي الفتويين: 76303، 272299.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني