الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غضب الأم لا يبرر الغش في النصيحة والاستشارة

السؤال

والدتي تدخل في نقاشات بخصوص مواضيع حياتية متفرقة، من مواقف وكلام، وما إلى ذلك من أفعال الآخرين، مما يزعجها منهم، وتطلب رأيي في تلك المواقف لبعض الأسباب.
حين تسألني عن رأيي، وتختلف وجهة نظري، فأخبرها برأيي المخالف لرأيها؛ تغضب بشدة وتدعو علي بالكثير؛ لأنها تقول إن كلامي آلمها وأحزنها، وإن رأيي ظلم لها، رغم أني فقط أخبرها بما أراه صحيحاً سواء كان صحيحا أم لا؟ لكنه وجهة نظري.
وأحاول اختيار أفضل أسلوب ممكن، لكنها تغضب رغم ذلك. ولو قلت غير ذلك الرأي سأكون كاذبة، وقد يوقعها ذلك في مشاكل لو سايرت رأيها. كيف أتصرف: هل أخبرها رأيي بصراحة حتى لو غضبت، أم أكذب حتى لو تسبب ذلك لها بمشاكل مستقبلية؟
وإذا كان علي الكذب. أليس هناك حديث يقول: المستشار مؤتمن. ألا يعني أن علي أن أكون صادقة؟
ولو كذبت ونتج عن ذلك ظلم أو أذى، أو قطيعة رحم، وهي فقط تسألني؛ لكي تجعلني أطلب الأمر حتى لا ألومها لاحقا.
فكيف يجب أن أتصرف: هل يعتبر إخبارها برأيي الصريح، عقوقا إن أغضبها؟
أعتذر عن الإطالة، وأرجو أن توضحوا لي الأمر بأكبر تفصيل ممكن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك الكذب على أمك لكسب رضاها، فالكذب محرم، كما ثبتت بذلك النصوص، وسبق بيان بعضها في الفتوى: 3809.

ولو أنها غضبت لأجل عدم موافقتك لها في خطئها، لم يكن في ذلك إساءة منك لها، أو وقوع في عقوقها.

ولا شك في أن من استشير في أمر، وجب عليه أن يكون ناصحا أمينا، ولا يكون غاشا، كما في الحديث الذي أشرت إليه، ولما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا، فليس منا.

وإن كذبت عليها، وغلب على ظنك أن هذا الرأي الذي طرحته عليها سيترتب عليه ما ذكرت من محاذير، فإنك تأثمين بتسببك في ذلك، إضافة لإثم الكذب. ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ... مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ... ".

قال الصديقي -الشافعي- في دليل الفالحين: ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة ـمعصية وإن قلَّت- بأن فعلها فاقتدى به فيها، أو دعا إليها، أو أعان عليها... اهـ.

وقد أحسنت بما ذكرت من أنك تجتهدين في اتقاء غضب أمك باختيار أحسن أسلوب، فجزاك الله خيرا، ونوصيك بالعمل على مداراة أمك وعدم موافقتها في رأيها الخاطئ، والاعتذار لها بلطف، برا بها وكسبا لرضاها.

ونوصي أيضاً بأن تسلطي عليها بعض من لهم تأثير عليها؛ لينصحوها باجتناب التدخل في النقاش في أمور قد تجر عليها شيئا من المشاكل، وقد توقعك بسببها في الحرج، واحرصي على الدعاء لها بأن يرزقها الله رشدها وصوابها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني