الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل البصاق جهة القبلة يبطل الصلاة؟

السؤال

إذا رجحنا قول من يقول بحرمة البصاق تجاه القبلة في الصلاة. فهل هذا من مبطلات الصلاة؟ أم ليس منها؛ لأنه في الصلاة، وليس منها؟
هناك أعمال محرمة أثناء الصلاة لا تبطلها، وأعمال تبطلها. فما هو الضابط كي يكون العمل المحرم محرما ومبطلا أيضا؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالبصاق جهة القبلة في الصلاة مكروه.

قال البهوتي -الحنبلي- في شرح الإقناع: (وَ) بَصْقُهُ (فِي ثَوْبِهِ أَوْلَى، إنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ) قَالَ فِي الْوَجِيزِ: يَبْصُقُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ الْمَسْجِدِ فِي ثَوْبِهِ، وَفِي غَيْرِهِمَا يَسْرَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَيُكْرَهُ) بَصْقُهُ وَنَحْوه (أَمَامَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. انتهى.

وقال الشربيني -الشافعي-: (وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يَبْصُقَ قِبَلَ وَجْهِهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ» زَادَ الْبُخَارِيُّ: «فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». انتهى.

وفي المدونة لمالك -رحمه الله-: ويكره أن يبصق أمامه في حائط القبلة. انتهى.

ومن العلماء من ذهب إلى أن البصاق في القبلة محرم.

قال العيني: قال القرطبي: الحديث دال على تحريم البصاق فِي الْقبْلَة، فَإِن الدّفن لَا يَكْفِيهِ. قيل: هُوَ كَمَا قَالَ. وَقيل: دَفنه كَفَّارَته. وَقيل: النَّهْي فِيهِ للتنزيه، وَالأَصَح أَنه للتَّحْرِيم، وَفِي (صحيحي) ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان، من حَدِيث حُذَيْفَة مَرْفُوعا: (من تفل تجاه الْقبْلَة جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وتفله بَين عَيْنَيْهِ). وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَة، من حَدِيث ابْن عمر، مَرْفُوعا: (يبْعَث صَاحب النخامة فِي الْقبْلَة يَوْم الْقِيَامَة وَهِي فِي وَجهه). انتهى.

وإذا علمت هذا، فإننا لم نقف على أحد قال ببطلان الصلاة بمجرد البصاق على جهة القبلة، إلا أن يتتابع ويتوالى فيكون عملا كثيرا مبطلا للصلاة، في أي اتجاه كان.

جاء في الموسوعة الفقهية: ولا تبطل به الصلاة، إلا أن يتوالى ويكثر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني