الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف بالطلاق ظانًّا صدق نفسه ثم ظهر خلاف ذلك

السؤال

حلفت يمين الطلاق على ثلاثة أشياء، دون نية إيقاعه:
أولًا: كنت بائعًا في أحد مخابز الخبز، فوقع خلاف على مبلغ مالي بيني وبين مشترٍ، فقال لي: أعطيتك 50 جنيهًا، وقلت له: أخذت 20 جنيهًا، ولم أكن أعلم الحقيقة بسبب ضغط العمل؛ فحلفت بالطلاق أني أخذت 20 جنيهًا، فقال لي: حاسب نفسك إذا انتهيت من العمل، وسوف ترى الفلوس التي معك، وعندما أنهيت العمل، وحاسبت نفسي، وجدت كلامه صحيحًا، فهل وقع اليمين؟ مع العلم أني لم أرد أن يحدث الطلاق.
ثانيًا: كنت أتناول الطعام مع أطفالي وزوجتي، فقام طفلي -عمره سنتان- بسكب الطعام عليّ وعلى هاتفي؛ فحلفت بالطلاق ألا يأكلوا معي ثانية، ثم أكلوا بعدها، فهل وقع الطلاق؟ مع العلم أني لم أرد أن يقع الطلاق.
ثالثًا: كانت بيني وبين زوجتي مشكلة، فأخذنا في الكلام العالي، فقلّلت من احترامي؛ فحلفت عليها بالطلاق أنها لن تجلس في البيت، وقد وقعت المشكلة فجرًا، فذهبت إلى بيت والدها عند المغرب، ثم أمرني والدي أن أرجعها لمنزلي هي وأولادي، فهل يقع اليمين هنا؟ مع العلم أني لا أعرف ماذا كانت نيي في تلك اليمين، لكنني الآن تبت توبة نصوحًا، وأنا حاليًّا لا أعمل بسبب العملية الجراحية، وكل هذا كان قبل العملية، وليس عندي مال، ووالدي متكفل بي هذه الفترة، فهل وقع يمين الطلاق في هذه المسائل؟ وهل يوجد في أحد المذاهب من يقول: إنه يمكنني أن أخرج كفارة واحدة، تنوب عن كل الكفارات؟ وهل هذا التأخير في أداء الكفارة فيه إثم؟ وما كيفية أداء الكفارة؟ وما حكم تأخير إخراج كفارة اليمين؟ ولكم كل الشكر، والتقدير، والاحترام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأمّا اليمين الأولى التي حلفت فيها بالطلاق، ظانًّا صدق نفسك، ولم تتعمّد الكذب؛ فالراجح عندنا أنّ طلاقك لم يقع، ولا كفارة عليك، قال ابن تيمية -رحمه الله-: والصحيح أن من حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه، فتبين بخلافه؛ فلا طلاق عليه. انتهى من مجموع الفتاوى. وراجع الفتوى: 361129.

وأمّا اليمين الثانية التي حلفت فيها على زوجتك وأولادك ألا يأكلوا معك ثانية؛ ثمّ أكلوا معك بعد ذلك؛ واليمين الثالثة التي حلفت فيها على زوجتك ألا تبقى في البيت، ثم أرجعتها إليه؛ فالمفتى به عندنا؛ وقوع الطلاق في الحالتين، وهو قول جمهور العلماء. لكن على قول بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، فلم يقع الطلاق في الحالتين المذكورتين، ما دمت لم تنوِ إيقاعه، ولكن عليك كفارة لكل يمين.

وعند بعض أهل العلم تلزمك كفارة واحدة، لكن القول بوجوب كفارة لكل يمين، أقوى وأحوط، وراجع الفتوى: 368368.

وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وراجع الفتوى: 369595.

والأحوط أن تخرج كفارة اليمين على الفور، وعند بعض أهل العلم يجوز إخراجها على التراخي، وانظر التفصيل في الفتوى: 277693.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني