الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللين وحسن المعاملة والحزم محمودة في مواضعها

السؤال

أنا بعمر ال 26، وأجد معضلة حقيقية من الوسواس النفسي، في كل شيء، بدايةً من التقلبات التي تصاحبني: قد أكون في أسعد لحظة، وفجأة أشعر بها وبكراهية تامة. في بعض الأيام أرى أني لست بجديرة، أو أني لم أجتهد كفاية، وفي البعض الآخر أني حزينة على نفسي بأني اجتهدت في غير منفعة، وفي البعض الآخر أسرع برد الفعل في بعض الأحيان على الناس من حولي.
أنا بطبيعتي معطاءة جدًا، ولله الحمد والمنة في ذلك وليس من نفسي، لكني أشعر أني وحيدة به، بمعنى أني ساعات أرى أني "غبية" في اختيار الأشخاص، ولا أعلم القاعدة في الحد من الطيبة مع كل الناس، وأيضا في كثير من الأحيان أنسى مثلاً أن ذلك الشخص قد تجاهلني في الكثير، ومن الممكن أنه آذاني. ولأني لا أتذكر قد أفعل الحسن، وألقى تكرار التجاهل والقسوة، فأتذكر بأنه وجب علي ليس التوقف عن الحسن، ولكن ربما عدم الوفرة فيه، وكأنه ولي حميم.
أيضا أشعر دائمًا أن أغلب من يحيط بي يعتاد مني فعل الحسن؛ لذلك يجد نفسه قادرا على التجبر مرات عديدة، ظنًا أني سأكمل، وكأني لا أشعر!
وقد أقف مرات كثيرة في وجه كل تلك الأمور، وآخذ الأمور بحزم وقوة، لكني سرعان ما أشعر أن علي كسر أي حاجز كراهية، لا أستطيع أن أنام وأنا أشعر أني قد قسوت على أحد، بالرغم أنها من الممكن بل والأكيد ليست بقسوة، لكنها لا تمثلني.
لا أعلم إن كنت على صواب في كل شيء، أم يجب على الإنسان الاحتفاظ بنفسه قليلاً ربما!
لم أكن كما كنت من قبل، أجدني أزداد في التغاضي في كل سنة، ولكني قد أحزن لشعوري بالضعف.
لا أعلم سوى أني منذ مدة طويلة، دعوت الله بأن يعطيني قلبا كأفئدة الطير، كما ذكرت في الحديث: يدخلُ الجنَّةَ أقوامٌ أفئِدَتُهُم مثْلَ أفئِدَةِ الطيرِ.
حتى إن أقرب الأشخاص لي قد شعرت باعتياده لي، وقد آذاني كثيرًا بسبب ذلك الشيء، ومهما أوقفت نفسي مرات عديدة، أجدني أعاود فعل كل شيء.
أفيدوني هل للخلق الحسن والمرور فيه حد معين! أم أن الإنسان يفعله ويمضي مهما تلقى فيه من المردود؟ وحسن الظن والتجاهل هل له حدود؟
كثيرا ما يتضح كذب الإنسان في شيء، لكن مع ذلك أفضل دائمًا إحسان النية وقت الحادثة والتغاضي، لكني سرعان ما أشعر أن عقلي يتنبه بأني أخطأت في ذلك، وأني ضعيفة والخ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأنت على خير عظيم، نسأل الله أن يثبتك ويعينك، فإن العفو عن الناس والصفح عنهم وإسداء الجميل إليهم وإن أساؤوا. خلق فاضل رفيع، يدل على حقارة الدنيا عند الشخص، وأنه إنما يريد ما عند الله تعالى.

فاستمري فيما أنت عليه، واعلمي أن الله لن يضيع أجرك ولن يذهب ثوابك، ولا تندمي على خير فعلتِه حتى ولو كان من قدمت الخير إليه ليس أهلا لنيل هذا الخير؛ فإن أجرك قد وقع على الله تعالى. قال تعالى: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا {الكهف:30}.

والنصوص في هذا كثيرة، والمؤمن أهل لأن يفعل الخير ويقدم المعروف لكل أحد، ولكن لا بأس مع هذا بأن يأخذ الإنسان لنفسه بشيء من الحزم في التعامل مع من يحاول إهانته، والاعتداء على حقوقه بأن يوقفه عند حده بالحسنى دون تطاول أو إساءة. والتوسط في كل شيء حسن، فاستعيني بالله وادعيه، وسليه أن يحسن خلقك. وإذا تعرضت لموقف يحتاج للحزم فاستعمليه في موضعه، وفقك الله لما فيه رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني