الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اجتناب أماكن التهمة ليس من الرياء

السؤال

هل هذه الأفعال تعد من الرياء: أن يرفض طالب العلم أو الشخص الذي ظاهره الصلاح إجابة دعوة إلى الأكل في مطعم فيه نساء متبرجات خشية من أقوال الناس عليه، وأن يسقط من أعينهم، أو أن يتجنب خوارم المروءة؛ لتجنب كلام الناس عنه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسلم بعامة، وطالب العلم والمنسوب إلى الدين بخاصة؛ مندوب إلى أن يحفظ مروءته، ويصون عرضه عن خوض الخائضين، وطعن الطاعنين، ومن ثَمَّ؛ فعليه ألا يوقف نفسه في مواقف الريب، وأن يتجنب ما قد يكون مثارا للطعن عليه.

وعليه؛ فليس ما ذكر من الرياء بسبيل، بل هو أمر حسن، قد حث عليه الشرع الشريف، كما نص على ذلك أهل العلم.

قال أبو حامد الغزالي في الإحياء: وَمِنْهَا أَنْ يَتَّقِيَ مَوَاضِعَ التُّهَمِ صِيَانَةً لِقُلُوبِ النَّاسِ عَنْ سُوءِ الظن، ولألسنتهم عن الغيبة، فَإِنَّهُمْ إِذَا عَصَوُا اللَّهَ بِذِكْرِهِ، وَكَانَ هُوَ السَّبَبَ فِيهِ، كَانَ شَرِيكًا. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ولا تسبوا الذين يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بغير علم، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ تَرَوْنَ من يسب أَبَوَيْهِ؟ فَقَالُوا: وَهَلْ مِنْ أَحَدٍ يَسُبُّ أَبَوَيْهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. يَسُبُّ أَبَوَيْ غَيْرِهِ، فَيَسُبُّونَ أَبَوَيْه.

وقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلم إحدى نسائه، فمر به رجل، فدعاه رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: يا فلان؛ هذه زوجتي صفية {فقال: يا رسول الله؛ من كنت أظن فيه، فإني لم أكن أظن فيك، فقال إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وزاد في رواية: إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا، وكانا رجلين. فقال: على رسلكما، إنها صفية. الحديث. وكانت قد زارته في العشر الأواخر من رمضان.

وَقَالَ عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَنْ أَقَامَ نَفْسَهُ مَقَامَ التُّهَمِ، فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ به الظن.

ومَرَّ برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق، فعلاه بالدرة، فقال: يا أمير المؤمنين؛ إنها امرأتي. فقال: هلا حيث لا يراك أحد من الناس. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني