الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعرف من تصاحب ومن يستحق أن يتخذ قدوة

السؤال

أنا شاب عمري 17 سنة، ومشكلتي نفسية، فصديقي المقرب كان يستمني عدة مرات مع صديقته على المحادثات الكتابية، وأخبرني أنها أرسلت له صورًا لها وهي عارية.
كل الذي كان يحكيه لي في البداية بشيء من التفاخر، ومؤخرًا بشيء من الحزن، ولّد عندي شعورًا من الحزن، والغضب، والصدمة، لا أفهمه حتى الآن، أهو حقد أم شعور بالنقص؟
ولكني استنتجت أني أشعر بذلك الشعور؛ لأن ما يفعله لا يحدث معي، وأردته أن يحدث -كطبيعة أيّ شاب-، ولكن تقول لي نفسي: "دعك من هذه التفاهات والهراء"، وفي نفس الوقت كلما تجاهلت الأمر أظل غاضبًا عندما أتذكّر الأمر، وشكّل لي هذا نوعًا من الصراع النفسي الداخلي. أستطيع أن أضيف أيضًا أني أشعر بالوحدة، أو بأني أريده ألا يفعل هذه الأشياء؛ لأن تعوّدت أن يكون وضع صديقي هذا مثلي منذ أن تعرّفت إليه، وتغيّرت الأوضاع عندما تعرّف إلى تلك الفتاة التي أصبح مهووسًا بها، وهي كذلك، وأصبحت تطيعه فيما يطلبه منها؛ كالذي ذكرتُه، وتطوّرت الأمور، علمًا أنه تائب مؤخرًا عن فعل هذه الأشياء معها، بعدما وعى أنه يرتكب ذنبًا ليس بهيّن، وكان مؤخرًا على وشك أن يفعله، فقمت بتوعيته أيضًا، وأظن أن الأمر سيتكرر مجددًا، ولا أستطيع وصف حالتي عندما يحكي لي عن الأمر من كثرة الصدمة والغضب.
ولكني في المرة الأخيرة لم أتمالك نفسي، ووبخته بعنف وبشدة، ولكني أظل أتذكر الماضي، وأحزن عليه، وعلى صدمتي فيه، وشعوري بالنقص، ويتكرر هذا حتى الآن، فلا أعرف ما الحل لحالتي، أو ماذا أسميها أصلًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا -أولًا- ننصحك بالتواصل في مثل هذا الموضوع مع قسم الاستشارات بموقعنا، وتجد عندهم -إن شاء الله- التشخيص النفسي لحالتك، وإفادتك ببعض التوجيهات المفيدة والنافعة.

ثانيًا: اعلم أنك إنما أُتيت من قبل هذه الصداقة السيئة؛ فالصاحب ساحب -كما قالوا-، والصديق يؤثر على صديقه سلبًا أو إيجابًا، كما دلت على ذلك النصوص الشرعية، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 24857. وقد جاء عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: ولا تصحب الفاجر لتعلم من فجوره.

وقد أحسن من قال:

إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الرّدي.

ثالثًا: اعرف من تصاحب، ومن يستحق أن تتخذه قدوة؛ فصاحب من يعينك على الاستقامة والطاعة، لا بمن يحرفك عن الصراط المستقيم، ويفتح عليك أبواب الشيطان، ويدفعك للفتنة، وراجع الفتاوى: 12928، 10800، 1208.

وإذا تاب هذا الشاب، وتبين لك صدق توبته، واجتنَب تلك الأفعال السيئة، ورجوت أن تنتفع بصداقته؛ فلا بأس بالاستمرار فيها. وإلا فكن منه على حذر؛ لئلا يجرّك إلى ما لا تحمد عقباه؛ فتندم حيث لا ينفع الندم.

رابعًا: ننبه إلى أن من أخطر الأمور أن يضيف إلى الآثام التي اكتسبها بفعل الذنب آثامًا أخرى بمجاهرته بذنبه، وإخبار الآخرين به؛ فيزداد إثمًا على إثم، والمجاهرة من أسباب البلاء، ثبت في الصحيحين عن سالم بن عبد الله، قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى، إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني