الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن ابتلي بأولاد مفرّطين في حق الله تعالى وحق الوالدين

السؤال

لي خمسة أولاد، أكبرهم عمره 30 سنة، والصغرى عمرها 21 سنة، يحاربون كل إنسان طيب، ولا يحبّون مصاحبته، عاقّون لي، مهتمّون بالفتنة، وبتفكيك الأسرة، دخلوا في عالم السحر، ومنذ الصغر حاولت مرارًا وتكرارًا جذبهم لما يحبه الله ورسوله، ولكن دون فائدة.
وعندي قطعة أرض، فهل بحرمانهم منها يكون عليّ وزر؛ منعًا للفتنة مع باقي إخوتهم؟ فأنا لا أريد إلا ما يرضي الله، وهم كالشياطين بأفعالهم، يحاربون الله ورسوله أينما كانوا، وقد زوّج الأخ أخته ممن لا يجوز لها شرعًا، وبعدم موافقتي، وعندهم ما يكفي من العلم بالدِّين، وقد حاولوا مع الأم والأختين بخلع حجابهنّ، والحمد الله أظهر الله فتنتهم لنا منذ عام، مع أن الأمّ يونانية، أسلمت بحجابها من سنة 1991، وهم تربّوا على قال الله، قال رسوله، وقد حاولت معهم بشتى الطرق، وما زالوا في الفتنة مع الأم؛ لأنها طيبة، تفكّر بالقلب، لا بالعقل.
باختصار: هم يحاربون الفطرة؛ حقدًا على كل إنسان سليم الفطرة، خاصة أقرب الناس لهم -وحسبنا الله ونعم الوكيل-.
أنا لا أريد أن يكون لهم مع إخوتهم أية شراكة، وهذا طلب إخوتهم، مع العلم أني داعية إلى الله، وأسلم على يدي خمسة من البلد التي أنا مقيم بها -وهي اليونان-، وأسأل الله أن يجعلنا من الداعين إليه الراجين رحمته.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يصلح أولادنا، وأولاد المسلمين، وأن يأخذ بنواصيهم، ويوفّقهم للحق.

ثم إنه بما أننا لا نعرف ما وصل إليه هؤلاء الأولاد من السوء؛ فسنعتبرهم من فسقة المسلمين، فنقول:

إن قصدت بسؤالك حرمانهم من الهبة، فقد سبق بيان حكم ذلك في الفتوى: 132460.

وإذا كان المقصود حرمانهم من الميراث، فقد أوضحنا حكمه في الفتوى: 435175.

ولا شك في أن ما ذكرته عن أولادك -إن صح- أمر خطير، جمعوا فيه بين التفريط في حق الله تعالى، والتفريط في حقك -كوالد-، وعقوقهم لك.

وقد أحسنت فيما كان منك من اجتهاد في سبيل تربيتهم على عقيدة وأخلاق الإسلام.

ونوصيك أن لا تيأس، بل أكثِر من دعاء الله سبحانه أن يهديهم صراطه المستقيم، فهو على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين يديه، قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ {الأنعام:125}، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك.

وينبغي أن تسلِّط عليهم من ترجو أن يؤثر عليهم لينصحهم، ويذكّرهم بسوء عاقبة تصرفاتهم، ويحاورهم فيما قد تكون لديهم من شبهات.

وإن استجابت الأم والبنتان لهم، وقمن بخلع الحجاب، فقد أتين منكرًا عظيمًا؛ فنوصي بالدعاء لهنّ أيضًا بالهداية، وتذكيرهنّ بخطورة التبرّج، وما ورد فيه من النهي، والوعيد الشديد لمن تقع فيه، وسبق ذكر بعضها في الفتوى: 29313.

وإذا أقدم ابنك على تزويج أخته من غير إذنك، ومن غير مسوّغ له لهذا الفعل؛ فقد أساء بذلك، وفي حكم هذا الزواج خلاف سبق بيانه في الفتوى: 149065.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني