الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على الشخص المعسِر تعويض ما أتلفه تحت تأثير المرض فورا؟

السؤال

أنا فتاة عمري 24 سنة، كنت أدرس في الخارج منذ عامين، وبعد أن ظهر كورونا فقد أبي عمله، وتدهورت حالتنا المالية، وكنت أعاني من اكتئاب شديد جدًّا وأنا في الخارج، ومن ضغط عالٍ بسبب حالة العائلة النفسية، ودراستي.
مرّت شهور وأنا هناك على هذا الحال، وكنت لا أستطيع الرجوع، ومرّت بي حالة من عدم الأكل لمدة 3 أيام بغير وعي، وعدم النوم، وفجأة بدأت أتخيّل أشياء، وأن العالم لن يكون واقعيًّا أبدًا، وبدت أرمي الأغراض في بيتي، ومن سوء الحظ كانت إحدى صدقاتي قد تركت أشياءها عندي عندما سافرت أمانةً، ورميتها كلها دون أي تفكير، وبعد أن أخذني أصدقائي إلى المستشفى، كان التشخيص هو: (psychotic episode).
وبعد ذلك رجعت إلى مصر إلى أهلي، وتعافيت -بفضل الله-، ولكن ما زال الحال المادي غير مستقر، وصديقتي تطلب ثمن أغراضها التي رميت.
أعلم أن هذا حقّها، ولكني لا أعمل حاليًّا وليس عندي مال خاص، وكلما سألت أبي، يقول لي: انتظري حتى يصلح الحال، فهل يجوز الانتظار عن الدفع أم يجب دفع هذه المال فورًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا المرض إذا كان يسلب المرء اختياره وإدراكه، فلا إثم على المريض فيما يفعله بتأثير المرض، ولكن هذا لا يلغي ضمانه لما أتلفه من مال غيره، كما قالوا في المبرسم (وهو من عنده علة عقلية ينشأ عنها الهذيان، شبيهة بالجنون): تصرفاته الفعلية في وقت إصابته، لا إثم عليه فيها، ولكن إذا ترتب على فعله إتلاف مال أو نفس، يجب الضمان في ماله، وعليه ديته، أو قيمة التعويض من ماله. اهـ. من الموسوعة الفقهية الكويتية.

والحاصل؛ أن ثمن أغراض صديقتك أو قيمتها يوم إتلافها، ثابتة في ذمّتك، دَين عليك في مالك، والمدين المعسر -فضلًا عن المعدم- يجب على دائنه تأجيله إلى أن يتيسر حاله، ويستحب التصدق عليه بدَينه كله أو بعضه، كما قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.

وأما أبوك، فلا يحب عليه أن يعطيك ما تردّين به لصديقتك حقّها، ولكن إن فعل اختيارًا منه، فهو حسن.

ولمزيد من الفائدة، راجعي الفتاوى: 34990، 158771، 124262.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني