الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من نسي السجود القبلي مع طول الفصل

السؤال

أود الاستفسار عن سجود السهو، وحكم من كان يجهل حكم طول الفصل: حيث إنني في أحد الأيام كنت أصلي العصر، ونسيت التشهد الأوسط. ولم أسجد للسهو قبل السلام، ثم سلمت، وخرجت من مكان الصلاة وذهبت إلى مكان آخر، وبقيت فيه قرابة ساعة، ثم تذكرت سجود السهو فعدت وتوضأت. وقبل أن أسجد للسهو سألت أحد المواقع على الإنترنت عن طول الفصل بين سجود السهو، فقالوا: لا بأس بالسجود للسهو ولو طال الفصل حتى إلى يومين.
فمن خلال كلامهم هذا عرفت أن كلامهم يشمل سجود السهو البعدي والقبلي، ثم سجدت. وبعد ذلك بشهر اتضح أن ما فعلته كان خطأ.
فسؤالي هو: هل أعيد تلك الصلاة؟
وأيضا كنت أصلي الفجر، وعند السجود شككت هل سجدت مرتين أو أقل؟ فأردت العودة للسجود، لكني كنت قد شرعت في الفاتحة، فزدت ركعة لتعوض الشك، وأردت السجود للسهو قبل السلام، ولكني نسيت واحدة وطال الفصل، فأعدت الصلاة. فهل فعلي صحيح؟
وأيضا السجود البعدي إذا طال الفصل، وسجدت للسهو في مكان آخر، أي ليس في نفس المكان الذي زدت فيه(الصلاة).
فهل فعلي صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت قد سجدت للسهو ولو بعد حين، فنرجو ألا تلزمك إعادة الصلاة. والمفتى به عندنا أن طول الفصل لا يضر، وانظر الفتوى: 307198.

ولو أعدت الصلاة احتياطا، لكان أبرأ للذمة، فعند المالكية -وهو المذهب المعمول به في بلدك ليبيا- أن نسيان السجود القبلي مع طول الفصل، يضر ويترتب عليه بطلان الصلاة إذا كان المنسي هو الجلوس للتشهد الأول. على خلاف بينهم في البطلان، وفي ضابط طول الفصل: فمنهم من رده إلى العرف، ومنهم من رده إلى الخروج من المسجد، وجعلوا التكلم في معنى طول الفصل.

جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل: وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ، لَا أَقَلَّ، فَلَا سُجُودَ.

(ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ إذَا كَانَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ، وَطَالَ، قَوْلِيَّةً كَثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مَعَ تَسْمِيعَةٍ، أَوْ فِعْلِيَّةٍ كَتَرْكِ الْجُلُوسِ غَيْرِ الْأَخِيرِ كَمَا قِيلَ.

وَفِيهِ نَظَرٌ: فَإِنَّ الْجُلُوسَ قَوْلِيٌّ وَفِعْلِيٌّ، أَوْ قَوْلِيَّةٌ وَفِعْلِيَّةٌ كَتَرْكِ السُّورَةِ؛ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا وَالْقِيَامِ لَهَا وَصِفَتِهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ، عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ فِي هَذِهِ، لَا إنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ، فَلَا تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَالطُّولُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِالْخُرُوجِ مِن الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ ...

وَمِثْلُ الطُّولِ مَا إذَا حَصَلَ مَانِعٌ، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ. قَالَ ابْنُ هَارُونَ: أَوْ تَكَلَّمَ، أَوْ لَابَسَ نَجَاسَةً، أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ عَامِدًا. اهــ.
ويبدو لنا من السؤال أنك مصاب بالوسوسة وكثرة الشكوك، وقد قدمنا في فتاوى سابقة أن من هذا حاله، فإنه لا يلتفت لشكوكه، وانظر الفتوى: 369112، والفتوى: 335773.

وانظر الفتوى: 343528 عن واجب من كثر منه الشك في الصلاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني