الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ عام 96 ولدي ولد وبنت، مشكلتي أنني عندما تزوجت زوجي لم أكن أعلم عنه شيئا فكل شيء تم في خلال شهر واحد فقط ولكن لا أنكر أنني ارتحت له ولذلك وافقت على الزواج بسرعة، ولكن بعد ثلاثة أيام فقط من زواجي بدأت مشاكل زوجي تظهر من ناحية الديون المالية المترتبة عليه والتي لم أكن أعلم عنها شيئا ونتيجة لهذه الديون والمشاكل الكثيرة ترتب عليها العيش بحياة كلها قلق وتوتر وخوف من المستقبل في بداية الأمر عندما كنت حاملا في ابني طلب مني والدي أن أنفصل عن زوجي ولكني رفضت ذلك حيث إنني كنت حاملا ولم أرد لطفلي أن يكون بعيدا عن والده، حاولت بكل شيء أقدر عليه أن أساعد زوجي وأتحمل معه مشاكله فاضطررت إلى الاستدانة من أشخاص عن طريقه وإعطائهم شيكات من عندي كضمان للسداد بالإضافة إلى قروض من البنوك، حيث إنني أعمل وفي مرة كدت أن أدخل السجن فيها بسبب عدم المقدرة على السداد ولكن الله سلم، بعدها حصلت على وظيفة مناسبة وبراتب جيد فتحسنت ظروفنا قليلا ولكن للأسف نحن لا نزال نعيش في نفس الدوامة من الديون والمشاكل التي لا تنتهي آخرها ونتيجة لثقة زوجي الزائدة في شخص لا يستحقها استغل هذه الثقة وورطه في قضية تزوير وأنا الآن أعيش في هم وتفكير دائم من المستقبل وبانتظار نتيجة الحكم.
نتيجة لكل ما سبق والديون المتراكمة علينا والتي أصبحت أنا هو المتورط فيها أظلمت الدنيا في وجهي وأحس بأنني قد أصبت بحالة من الاكتئاب أصبحت لا أهتم بنفسي وببيتي وبأولادي حتى زوجي لم أعد أقدر أن أقوم بواجباتي الزوجية نحوه بالرغم من طلبه المتكرر لذلك ولكن رغما عني فأنا لم أعد أستطيع لقد فقدت الرغبة في كل شيء في هذه الدنيا.
أنا الحمد لله إنسانة مؤمنة بقضاء الله وقدره ودائما أدعو إلى الله أن يفرج عني همي ولكن رغما عني فأنا لا أستطيع.
سؤالي هو هل أنا بهذه الطريقة أكون مقصرة في حق زوجي؟
هل ما فعلته من أجله وأجل أولادي خطأ؟
هل كان يجب علي أن أنفصل عنه عندما طلب مني والدي ذلك؟
أرجوكم أفيدوني فأنا أحس بأنني قد ظلمت نفسي وأنه لم يكن ضروريا مني أن أضع نفسي في مشاكل وأمور مالية وديون لا تنتهي من أجله.
آسفة على الإطالة وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أن ما عند الله تعالى من الرزق لا يستجلب بمعصيته، وأنت عصيت الله تعالى عند ما اقترضت من البنوك إن كان القرض تم عن طريق البنوك الربوية بفائدة، ومعلوم أن الاقتراض بفائدة ربا محرم، لا يحل لمسلم تعاطيه، ولعل ما تتابع عليك من المعاصي الأخرى كعصيانك لزوجك عندما يطلبك لحاجته من شؤم تلك المعصية الربوية، والذي ينبغي لك فعله الآن هو التوبة إلى الله عز وجل من هذه المعاصي توبة نصوحا، والالتجاء إلى الله بصدق، ودعاؤه بالدعاء المأثور في مثل هذه الحالة وهو: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. وأكثري من قول "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين."، وراجعي الجواب: 9347 .

وأما ما ذكرته من حال الاكتئاب التي وصلت إليها، فسببها ضعف الإيمان بالقضاء والقدر، فإن من قوي إيمانه بهما فلا طريق لليأس والإحباط إلى قلبه، إذ كيف يتسرب الإحباط إلى قلب المؤمن وهو يقرأ قوله تعالى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (الطلاق: 7). وقوله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (الشرح:5-6).

ورحم الله من قال:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج

وإذا كان الأمر كذلك، فالمطلوب من العبد صدق التوبة والإنابة وبذل الأسباب المشروعة، وليعلم أنه ما نزلت عقوبة إلى بذنب، ولا رفعت إلا بتوبة.

وأما طلبك الطلاق من زوجك بسبب ديونه فلا وجه له، إلا أن يعجز عن النفقة عليك، فلك حينئذ طلب الطلاق للضرر اللاحق بك بسبب إعساره، وراجعي الفتوى رقم: 8299.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني