الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المراد بأول الحشر في سورة الحشر

السؤال

قيل عن إجلاء بني النضير في سورة الحشر: "أول الحشر"، فكيف ذلك، وقد تم إجلاء بني قينقاع قبلهم من المدينة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد قيل في المراد بأول الحشر في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ {الحشر:2}، عدة أقوال:

منها: أن المراد بأول الحشر لبني النضير، حشرهم إلى خيبر؛ لأنه سيأتيهم حشر آخر، وهو من خيبر إلى الشام، وليس المراد أنهم أول من أخرج من المدينة، قال الشوكاني في فتح القدير: قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ إِلَى خَيْبَرَ، وَآخِرَ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى الشَّامِ. اهــ.

وقيل: إن المراد بأول الحشر أول جلاء يصيبهم هم، حيث لم يصبهم جلاء قبله، بخلاف غيرهم، قال البغوي في معالم التنزيل: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانُوا مِنْ سِبْطٍ، لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا مَضَى. اهــ.

وقيل إن المراد بأول الحشر: أي: الحشر إلى أرض الشام، التي هي أرض المحشر يوم القيامة، قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله تعالى: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ. اختلف الناس في معنى ذلك، بعد اتفاقهم على أن الْحَشْرِ: الجمع، والتوجيه إلى ناحية ما.

فقال الحسن بن أبي الحسن، وغيره: أراد حشر القيامة، أي: هذا أوله، والقيام من القبور آخره، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «امضوا هذا أول الحشر، وإنا على الأثر». وقال عكرمة، والزهري، وغيرهما: المعنى لِأَوَّلِ موضع الْحَشْرِ، وهو الشام، وذلك أن أكثر بني النضير جاءت إلى الشام. اهــ.

وقيل: غير ذلك.

فأنت ترى أن الآية تحتمل كل هذه المعاني؛ فلا تُعارض بما جاء من أن بني قينقاع أول من تم إجلاؤهم من المدينة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني