الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على من رأى حيوانًا يأكل زرع أخيه أن يخرجها أو يبلغه؟

السؤال

هل يجب على من رأى بقرًا، أو دجاجًا يأكل زرع أخيه أن يخرجها، أو يبلغه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن قدر على ذلك دون ضرر معتبر عليه؛ وجب عليه فعله؛ حفظًا لمال المسلم، قال الغزالي في الإحياء: إن قلت: فكل من رأى بهائم قد استرسلت في زرع إنسان؛ فهل يجب عليه إخراجها؟ وكل من رأى مالًا لمسلم أشرف على الضياع، هل يجب عليه حفظه؟

فإن قلتم: إن ذلك واجب؛ فهذا تكليف شطط، يؤدّي إلى أن يصير الإنسان مسخّرًا لغيره طول عمره.

وإن قلتم: لا يجب؛ فلم يجب الاحتساب على من يغصب مال غيره، وليس له سبب سوى مراعاة مال الغير!؟

فنقول: هذا بحث دقيق غامض!

والقول الوجيز فيه أن نقول: مهما قدر على حفظه من الضياع، من غير أن ‌يناله ‌تعب ‌في ‌بدنه، أو خسران في ماله، أو نقصان جاهه؛ وجب عليه ذلك؛ فذلك القدر واجب في حقوق المسلم، بل هو أقلّ درجات الحقوق، والأدلة الموجبة لحقوق المسلمين كثيرة، وهذا أقل درجاتها، وهو أولى بالإيجاب من ردّ السلام؛ فإن الأذى في هذا أكثر من الأذى في ترك ردّ السلام، بل لا خلاف في أن مال الإنسان إذا كان يضيع بظلم ظالم، وكان عند الشهادة لو تكلّم بها لرجع الحق إليه؛ وجب عليه ذلك، وعصى بكتمان الشهادة، ففي معنى ترك الشهادة ترك كل دفع لا ضرر على الدافع فيه.

فأما إن كان عليه تعب، أو ضرر في مال، أو جاه؛ لم يلزمه السعي في ذلك، ولكن إذا كان لا يتعب بتنبيه صاحب الزرع من نوم، أو بإعلامه؛ يلزمه؛ فإهمال تعريفه وتنبيهه كإهماله تعريف القاضي بالشهادة؛ وذلك لا رخصة فيه. اهـ.

وقال ابن حزم في «المحلى»: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، ففرض على كل مسلم ‌حفظ ‌مال ‌أخيه، إذا وجده ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني