الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رسم ما له ظلّ وما لا ظلّ له عند المالكية

السؤال

أعرف أن رسم ما لا ظلّ له محرم عند جماهير أهل العلم، وأنا على قولهم -والحمد لله-.
وعرفت مؤخرًا أن حكم رسم ما لا ظلّ له عند المالكية الكراهة فقط، وأنا لن آخذ بهذا القول؛ فقد تبت من الرسم -والحمد لله-، ولكن عندي سؤال عنه: فلو أنّ شخصًا قلَّد المالكية في هذا، ورسم فتيات غير محجبات حجابًا كاملًا، أو رسم فتيات متبرجات (بنطال، مكياج، حلي، إلخ...)، أو رسمهنّ بلباس ضيق جدًّا، أو كاشفات للبطن مثلًا، أو أغلب الساق، أو الصدر، فهل هذا جائز عند المالكية؟ وما الضابط في ذلك؟ وهل التبرّج (وضع المكياج، ولبس ما يخالف اللباس الشرعي؛ كالبنطال) كافٍ لتحريم هذه الرسومات، أم يحتاج الأمر للمبالغة في إظهار المفاتن للقول بالتحريم؟ علمًا أن الرسم قد يكون بأسلوب كرتوني، أو بأسلوب واقعي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فحاصل مذهب المالكية في رسم ما له ظلّ، وما لا ظل له؛ قد ذكره النفراوي المالكي في الفواكه الدواني نقلًا عن ابن رشد المالكي حيث قال: والحاصل -كما يؤخذ من كلام ابن رشد، وغيره- أن التماثيل على الثلاثة أقسام:

المحرم منها: ما كان على صورة حيوان كاملة، ولها ظل قائم، وحمل عليها ما ورد في الحديث من أن فاعل تلك الصورة يعذّب يوم القيامة، ويقال له: أحي ما خلقت.

والمباح: ما كان على صورة غير حيوان؛ كصورة الأشجار، والفواكه، والسحاب مما هو مصنوع لله، وليس حيوانًا.

والمكروه: ما ذكره المصنف من صور الحيوانات المرسومة في الأسرّة، والحيطان من كل ما كان غير ممتهن.

وأما التماثيل المرسومة في الأشياء الممتهنة؛ فلا كراهة فيها، ولكن تركها أولى، وهي الآتية في كلام المصنف. اهـ

أما رسم نساء متبرجات بلباس ضيق مع الزينة إلى آخر ما جاء في سؤالك؛ فهذا -وان كان داخلًا فيما لا ظل له-، لكنه يُمنع من وجه آخر، ما دام أنه وسيلة للفتنة، وإثارة الشهوة، ونحو ذلك من المفاسد؛ والوسيلة المباحة إن أفضت إلى ما لا يجوز؛ تكون غير جائزة.

وقد قال المالكية كثيرًا بسدّ الذرائع أكثر من غيرهم، كما قال القرافي في الذخيرة: فحاصل القضية أنا قلنا بسد الذرائع أكثر من غيرنا، لا أنها خاصة بنا. واعلم أن الذريعة كما يجب سدها، يجب فتحها، ويكره، ويندب، ويباح؛ فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للجمعة، والحج. اهـ.

وراجع المزيد في الفتوى: 313261، وهي بعنوان: "ذكر اختلاف العلماء في تحريم ما لا ظل له من الصور".

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني