الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء الفتاة للشاب الذي أعجبت به بالصلاح وأن ييسر لها الزواج منه

السؤال

أنا طالبة طب، وعملنا مختلط، وأحافظ على نفسي -والحمد لله-، وأجاهد نفسي على غضّ البصر، والعفاف، والطهر، وأدعو الله بالزوج الصالح دومًا، ومعي شاب تحبّه كل الفتيات؛ لماله، وجماله، ومنذ أن رأيته وأنا لا أطيقه؛ لأنه لا تهمني هذه الأشياء، وقد كان مدخنًا، وصحبته صحبة سوء، وهذا ما جعلني لا أكترث له أكثر، ولكنه مؤخرًا أصبح في مجموعتي في دوام المستشفى، وأشعر أن الله هداه؛ لأنه ترك صحبته القديمة، ولم أره يدخّن، ولا زلت -ولله الحمد- لا أشعر بشيء تجاهه، وأعامله كغيره من الزملاء، وغايتي كل يوم أن أكون على مراد الله في هذا الجانب؛ كي يرزقني الله الزوج الصالح، والحلال الطيب، بل إني أبغضه أحيانًا؛ لأنه يخالفني الرأي في المشاكل التي تحصل في فريق العمل.
الغريب أنني كل يوم في صلاة الفجر أدعو الله له أن يثبّته على الحق، وأن يزرع حبّي في قلبه، وأن يكون زوجي الصالح.
أؤمن أن الحب الحقيقيّ بعد الزواج، فأنا لا أحبّه، ولكني أعترف لنفسي أن تغيّره للأفضل في الفترة الأخيرة يعجبني، وأدرك أن هذا ليس كافيًا إطلاقًا لكي أدعو الله به، ولا أدري كيف يخرج مني الدعاء!؟ أخاف أن أظلم نفسي، وأظلمه بدعائي؛ فقد نكون شقاء لبعضنا إن استجاب الله دعائي، وكل يوم أقول: لن أدعو به، ولكني أجد نفسي في الصلاة أدعو، وأغار في نفسي من كون الفتيات يردنه، ولكنه لا ينظر إلى أحد، وهمّه دراسته، وعمله، وهذا ما يريحني.
إرادتي له في سجودي فقط، أما في أرض الواقع فأنا أراه كغيره، وأعامله كغيره، بل أخاف منه، فهل أتوّقف عن الدعاء به؟ فأنا لا أعرف الخير أين ولا مع من؟ وأخاف أن أتألّى على الله بدعائي بأن يكون هو الخير لي، وأن يكون نصيبي، وأخاف أن يتطوّر الأمر، وأن يصدر مني الحرام، وأخاف ألا يكون لي، فأخون زوجي المستقبلي، وأتعلّق بما ليس لي؛ فيتألّم قلبي، وأخاف أن يكون لي ولكن يكون شقاء وتعاسة. أريده زوجا صالحًا صادقًا في زواج مطمئن هنيء، غايته الله، وذرية صالحة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا على حرصك على المحافظة على نفسك، ومجاهدتها في غض البصر عن النظر للحرام، والحرص على العفاف، والطهر -نسأله تعالى أن يرزقك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى-.

ولا حرج عليك في الدعاء لهذا الشاب بالخير، والصلاح، وأن ييسر لك الزواج منه، إن أصبح صالحًا مَرْضِيًّا في دِينه، وخُلُقه؛ فقد أرشد الشرع الحكيم المرأة المسلمة إلى الحرص على اختيار صاحب الدِّين، والخُلُق، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 176481؛ فلا تتوقفي عن الدعاء بنحو ما ذكرنا.

وإذا دعوت له بذلك؛ لا تكونين ظالمة له، ولا لنفسك، بل أنت محسنة إليه، فلعل الله يستجيب دعاءك؛ فتكونين سببًا لهدايته إلى الصراط المستقيم.

وإذا أصبح هذا الشاب صالحًا، وتبيّن لك ذلك من شهادة الثقات الذين يعرفونه؛ فلا بأس أن تعرضي نفسك عليه.

فإن رغب في الزواج منك؛ فاستخيري الله في الأمر، فإن تم الزواج؛ كان في ذلك خير لك، والمرجو أن يجعل الله تعالى لك السعادة معه؛ فالاستشارة والاستخارة من أعظم أسباب التوفيق، وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى: 18430، 19333، 123457.

وإذا اتبعت ما أرشدناك إليه من أمر الدعاء، والاستشارة، والاستخارة، أخرجت نفسك من هذه الهواجس، والخواطر السيئة التي تنتابك.

وإن لم يتيسر في نهاية المطاف زواجه منك؛ فلا تتبعيه نفسك، وسلي الله سبحانه أن يقدّر لك غيره من الصالحين، وجاهدي نفسك في صرف قلبك عنه؛ فذلك من خير ما يحفظ لك دِينك، وعِرضك، ويجنّبك الافتتان به، وراجعي للفائدة الفتوى: 9360؛ ففيها علاج العشق.

وننبه في الختام إلى خطورة الاختلاط في الدراسة، أو العمل، ووجوب مراعاة الضوابط الشرعية لمن دعتها الحاجة للدراسة، أو العمل المختلط، وراجعي الفتوى: 5310، والفتوى: 254365.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني