الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جلد الذات قرة عين للشيطان

السؤال

بلغت من العمر 27 عاما، ولم أكن أعلم كثيرا من الأحكام الشرعية التي أصبحت على دراية بها الآن، فأنا دائمة البحث عن ذلك، وبدأت أحاول أن أستمع لإذاعة القرآن الكريم قدر المستطاع، إلا أنني مضى عليّ ما يقارب السنة، وأنا في اضطراب نفسي شديد. أتذكر كل فعل فعلته خلال عمري الماضي، وما كان مني من فعل ذنوب صغيرة وكبيرة، أجهل حكمها، ومدى صعوبتها وقدرها.
أشعر بجلد ذات لا يطاق، وكأني أحقر مخلوق على سطح الأرض. أصلي، وأصوم، وأصلي النوافل، وأتلو القرآن، وأتصدق قدر المستطاع، وأبر أبي، وأمي، وأصل رحمي، ولو برسالة على وسائل التواصل. أحاول أن أحسن إلى الناس، أبكي كثيرا في صلواتي؛ خوفا من الله، وعظمته. وأتمنى لو يعود بي الزمن لكي لا أفعل هذه الذنوب. وأصلي ركعات توبة من حين لآخر، ولكن نفسي توسوس لي بعدم القبول، والخوف الشديد من عقاب الله، واحتقاري لنفسي. كل هذا بشكل يجعلني كأن قلبي يعتصر ويختنق.
ماذا أفعل؟ أنا أعمل مهندسة، وأخاف كثيرا من أن أفقد عملي وأتفرغ، فتسيطر عليّ هذه الأفكار السلبية، وتدمرني. حتى في صلاتي، في صومي، في كل عمل خير تنتابني أفكار سلبية بالرياء، وأنها لم تكن على الوجه الذي يرضاه الله. حتى أني بدأت أصلي مع كل فرض فرضا آخر قدر المستطاع، تعويضا عن أي صلاة لم تكن على النحو الذي يحبه الله، ويرضاه، ويقبله، خاصة بعد علمي بكثير من الأحكام التي كنت أجهلها. قولوا لي كلاما يساعدني على تجاوز ما أنا فيه. حتى أحبتي دوما أتصور أحداث ضرر تلحق بهم، ويعتصر قلبي لذلك. أفكاري، ونفسي لا يرحمونني، ولا يجعلونني أهنأ بحياتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأحسني ظنك بالله تعالى، واعلمي أنه تعالى عند ظن عبده به، وهو سبحانه أرحم الراحمين، وهو أرحم بعبده من الأم بولدها، ولم تري منه فيما مضى إلا الخير، فاستبشري وثقي بأن القادم أفضل بإذن الله، ودعي عنك هذه الأفكار السلبية، فإنها من سوء الظن بالله تعالى، ومما يلقيه الشيطان في قلبك.

واحمدي الله على الهداية، واستمري سائرة في طريقها، واستعيني على ذلك بتعلم العلم الشرعي النافع، وبصحبة الصالحات، وبلزوم الذكر والدعاء، ولا تعيدي شيئا من صلواتك، فإن الأصل صحتها.

ولا داعي لجلد الذات، بل تفاءلي، وثقي بربك تعالى، وواسع رحمته، وعظيم جوده وبره.

وإذا اقتضى الأمر مراجعة طبيب نفسي؛ فلا تترددي، فإن هذا من امتثال وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره بالتداوي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني