الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر بين إرجاع زوجته أو إمضاء الطلاق

السؤال

طلقت زوجتي بعد محاولات عدة للإصلاح. والآن هناك وساوس كثيرة أني كان المفروض أن أعمل كذا وكذا، ولو كنت عملت كذا ما كان حصل الذي حصل. فماذا أعمل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه الوساوس لا خير فيها، وعليك أن تعرض عنها، ولا تجاريها؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فَأَمَرَهُ بِالْحِرْصِ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِاَللهِ، وَنَهَاهُ عَنْ الْعَجْزِ الَّذِي هُوَ الِاتِّكَالُ عَلَى الْقَدَرِ، ثُمَّ أَمَرَهُ إذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ أَنْ لَا يَيْأَسَ عَلَى مَا فَاتَهُ، بَلْ يَنْظُرَ إلَى الْقَدَرِ، وَيُسَلِّمَ الْأَمْرَ لِلهِ؛ فَإِنَّهُ هُنَا لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعُقَلَاءِ: الْأُمُورُ " أَمْرَانِ " أَمْرٌ فِيهِ حِيلَةٌ، وَأَمْرٌ لَا حِيلَةَ فِيهِ. فَمَا فِيهِ حِيلَةٌ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ، وَمَا لَا حِيلَةَ فِيهِ لَا يَجْزَعُ مِنْهُ. انتهى مجموع الفتاوى.

والذي ينفعك -بإذن الله- أن تتدبر أمرك، وتشاور العقلاء الأمناء، وتنظر فيما هو أصلح لك؛ فإن رأيت أن الأصلح لك الرجوع إلى تلك المرأة، وكان طلاقها دون الثلاث؛ فاستعن بالله، واستخره، وراجعها.

وإن رأيت الأصلح في فراقها، أو كان الطلاق ثلاثا؛ فلا تشغل نفسك بها؛ وابحث عن زوجة صالحة، واطْوِ صفحة الماضي، ولا تأس عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني