الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل توبة المرأة المتزوجة من العادة السرية؟

السؤال

أنا متزوجة، وابتليت بالعادة السرية، وأحاول أن أتوب توبة نصوحًا، وكلما تبت أرجع، فهل تقبل توبتي؟ وكيف أتخلّص منها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يغفر ذنبك، وأن يطهّر قلبك، وأن يحصّن فرجك.

ونوصيك أن تتقي الله، وتصبري، وأن تتذكري نعمة الله عليك بكونك ذات زوج؛ فإقدامك على هذه العادة السيئة، لا يليق بالمسلمة غير المتزوجة، فما بالك بالمتزوجة!؟ وانظري الفتوى:7170 لمعرفة حكم العادة السرية.

واعلمي أن الله يقبل توبة العبد مهما تكرر منه الذنب، فإن تاب؛ تاب الله عليه، ثم إن عاد للذنب؛ فيجب عليه التوبة ثانية، وهكذا كلما عاد، يجب عليه التوبة، وليحذر من اليأس من التوبة بعد معاودة الذنب، قال علي -رضي الله عنه-: خياركم كل مفتن تواب، قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله، ويتوب. قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله، ويتوب. قيل: فإن عاد؟ قال يستغفر الله، ويتوب. قيل: حتى متى؟ قال علي: حتى يكون الشيطان هو المحسور. رواه ابن أبي الدنيا.

وقيل للحسن البصري: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه، ثم يعود، ثم يستغفر، ثم يعود؟ فقال: ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا -أي: باليأس من التوبة، والكف عنها-؛ فلا تملّوا من الاستغفار. وروي عنه أنه قال: ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين -يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب-.

وقد جاء في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا -وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا- فَقَالَ: رَبِّ، أَذْنَبْتُ -وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ-؛ فَاغْفِرْ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي.

ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ، أَذْنَبْتُ -أَوْ أَصَبْتُ- آخَرَ، فَاغْفِرْهُ؟ فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي.

ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا، قَالَ: قَالَ: رَبِّ، أَصَبْتُ -أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ- آخَرَ، فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ.

قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لصحيح مسلم: ولو تكررت مائة مرة، بل ألفًا وأكثر، وتاب في كل مرة؛ قبلت توبته، أو تاب عن الجميع توبة واحدة؛ صحت توبته. انتهى.

وأخيرًا: نوصيك بالصبر، ومجاهدة النفس على التقوى، واجتناب المحرمات، واتّقاء الأسباب التي تفضي بك إلى ممارسة تلك العادة -كالخلوة، والنظر فيما يثير الشهوة، وهكذا-.

وننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني