الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استخدام كلمات (ووب علي) (وكر علي)

السؤال

في لغتنا السودانية تُستخدم كلمات مثل: (ووب علي) (وكر علي) في العامية كثيرا، للتعبير عن هول موقف، وما أشبه ذلك.
وقد عرفت مؤخرا أن هذه الكلمات كانت أسماء ملوك يعبدهم الناس كآلهة، في الحضارة السودانية القديمة قبل الإسلام؛ للاستنجاد بهم.
فسؤالي هو: ما حكم استخدام هذه الكلمات حاليا في عصرنا الحالي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل في الأشياء الإباحة والإذن، ومن ذلك: الألفاظ التي يستعملها الناس ويتخاطبون، فلا ينهى عن شيء منها حتى يتبين موجب للمنع منها.

وما ذكرته من كون تلك الكلمات آلهة، دعوى تحتاج إلى إثبات، وكثيرا ما تكون مثل هذه الدعاوى مجرد مزاعم من بعض المتكلفين، فعامة الناس يتلفظون بتلك العبارات ولا يقصدون بها تلك الآلهة المزعومة، فهي من العبارات التي تجري على الألسن لأغراض التحسر ونحوها، ولا يقصد معاناها، فلا يُنهى عنها حينئذ، ومن هذا الباب: ما حمل عليه بعض العلماء ما جاء في الحديث في صحيح مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: أفلح، وأبيه إن صدق.

قال البغوي في شرح السنة: قيل: تلك كلمة جرت على لسانه على عادة الكلام الجاري على الألسن، لا على قصد القسم، وكانت العرب تستعملها كثيرا في خطابها، تؤكد بها كلامها لا على وجه التعظيم، والنهي إنما وقع عنه إذا كان ذلك على وجه التوقير، والتعظيم له، كالحالف بالله يقصد بذكر الله -سبحانه وتعالى- في يمينه التعظيم، والتوقير. اهـ.

قال الكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري: والحكمة في النهي عن الحلف بالآباء أنه يقتضي تعظيم المحلوف به. وحقيقة العظمة مختصة بالله -تعالى- فلا يضاهى به غيره. وهذا حكم غير الآباء من سائر الناس.

فإن قلت: ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: أفلح وأبيه، قلت: إنها كلمة تجري على اللسان عمودا للكلام أو زينة له، لا يقصد به اليمين. اهـ.

وكذلك ما جاء في الأحاديث من نحو: تربت يداك، وثكلتك أمك، مما ظاهره الدعاء على الآخرين، لكنه أصبح مما يجري على الألسن، ولا يقصد به حقيقة معناه.

قال أبو عبيد في غريب الحديث: قوله: «تربت يداك» فإن أصله أن يقال للرجل إذا قل ماله: قد ترب، أي: افتقر، حتى لصق بالتراب، وقال الله - تبارك وتعالى-: (أو مسكينًا ذا متربة) فيرون- والله أعلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتعمد الدعاء عليه بالفقر، ولكن هذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها وهم لا يريدون وقوع الأمر. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني