الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مكالمة الزوجة لأهلها دون علم زوجها

السؤال

أنا متزوجة منذ 6 سنوات، ومن أول الزواج هناك مشاكل بيني وبين أهلي، ولا أزورهم إلا بعد سنوات.
ووصل الأمر حاليا أن زوجي يقاطعني لو طلبت منه أن أذهب لأزورهم. وهم يرفضون أن يدخلوا بيتي.
أرضي من لكي يرضى ربنا علي؟
زوجي نزَّل برنامجا لتسجيل المكالمات، ويراقب الخط أيضا.
أتيت بخط آخر، وأغلق البرنامج بدون علمه، وأكلمهم من الخط الثاني.
هل علي ذنب؟
آخر سؤال -وأعتذر عن الإطالة- لو كلمت أخي بدون علمه، وهو يمنعني من الكلام معه، وقد أنكرت أني كلمته، أو أخفيت تفاصيل عنه. هل علي ذنب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في عظم حقّ الوالدين، وكذا حق الزوج.

فإذا أردت مرضاة ربك، فعليك أن تقومي بحق والديك، وحق زوجك.

لكن إذا تعارض حق الوالدين مع حقّ الزوج بحيث لا يمكن الجمع بينهما؛ فحقّ الزوج مقدم في هذه الحال.

ففي مستدرك الحاكم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله؛ أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: «زوجها» قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: «أمه».

وقال ابن تيمية -رحمه الله- : الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. انتهى من مجموع الفتاوى.
لكن الراجح عندنا أنّ الزوج لا يمنع زوجته من زيارة أهلها أو زيارتهم لها، إلا إذا خشي من إفساد أهلها، فله أن يمنع ذلك بالقدر الذي تزول به المفسدة.

قال الموّاق المالكي -رحمه الله-: ...أما الأبوان فقد سئل مالك عن الرجل يتهم ختنته بإفساد أهله، فيريد أن يمنعها عن الدخول عليها؟

فقال: ينظر في ذلك، فإن كانت متهمة منعت بعض المنع لا كل ذلك، وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها. انتهى.
وقد ألحقوا الإخوة بالأبوين في هذا الحكم.

ففي الشرح الصغير للدردير -رحمه الله-: وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَدْخُلُوا لَهَا، وَكَذَا الْأَجْدَادُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةُ مِن النَّسَبِ. اهـ.

وفي منح الجليل شرح مختصر خليل: وَرَوَى ابْنُ أَشْرَسَ وَابْنُ نَافِعٍ: إنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِي امْرَأَتِهِ كَلَامٌ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهَا. انتهى.
وعليه؛ فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أنّ مكالمتك لوالديك وكذا لأخيك على سبيل الصلة والكلام المباح دون علم زوجك، جائزة لا حرج فيها.

ولا حق لزوجك فيمنعك منها أصلا، ما لم يترتب على ذلك إفساد منهم لك، فعندئذ تجب طاعة الزوج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني