الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم القصص؟ هل هي بدعة؟ ما حكم كتابة القصص ونشرها وما حكم كتابتها؟
وما المقصود من هذا النص: قال الحسن البصري: القصص بدعة، ونعمت البدعة. كم من أخ يستفاد، ودعوة مجابة، وسؤل معطى.
وعن بعضهم أنه سئل عن الدعاء عند ختم القرآن، كما يفعله الناس اليوم؟ قال: بدعة حسنة.
ومن هذا: وقال عقبة بن حريث رحمه الله: سمعت ابن عمر وجاء رجل قاص وجلس في مجلسه، فقال ابن عمر: قم من مجلسنا، فأبى أن يقوم. فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشرطة: أقم القاص، فبعث إليه فأقامه.
وهناك غير هذا من مواقف الصحابة ضد القصاص، فأنا أسأل عن حكم كتابة وقراءة القصص، وقد أجاز ابن عثيمين كتابة القصص الخيالية ببعض الشروط منها: أن تعرضه عرضا يفيد أنه غير واقعي مثل أن يكون على صورة ضرب أمثال، وكثير من العلماء أجاز ذلك أيضا، وكثير من المواقع مثل هذا الموقع.
وبعض من العلماء حرموها، وقد قرأت في موقع موثوق أن الأرجح في هذه المسألة الجواز، ولكني أريد توضيح. هل القصص بدعة؟ هل يحرم علي قراءة وكتابة القصص؟
وإذا كان جائزًا، فما حكم أن أضيف منكرا في قصتي بحيث تكون منكرا، أي: إنني أقبحها ولا أزينها؟
أفيدوني، أسعدكم الله.
.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمقصود بالقصص هنا هو القيام بوعظ الناس وتذكيرهم، وتسمية هذا بدعة إنما هو باعتبار الهيئة والطريقة، ومن باب البدعة اللغوية لا الشرعية.

قال الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم»: ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر -رضي الله عنه- لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: "نعمت البدعة هذه" ... ومن ذلك القصص، وقد سبق قول غضيف بن الحارث: "إنه بدعة"

وقال الحسن: "‌القصص ‌بدعة، ونعمت البدعة، كم من دعوة مستجابة، وحاجة مقضية، وأخ مستفاد".

وإنما عنى هؤلاء بأنه بدعة الهيئة الاجتماعية عليه في وقت معين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له وقت معين يقص على أصحابه فيه غير خطبته الراتبة في الجمع والأعياد، وإنما كان يذكرهم أحيانا، أو عند حدوث أمر يحتاج إلى التذكير عنده ... اهـ.
وما ورد عن السلف في ذم القصاص إنما هو باعتبار ما يقع في كلامهم من الكذب على الله ورسوله، والمغالطات والمخالفات الشرعية، وإرادتهم بالوعظ منافع الدنيا وحطامها، وتكبرهم على الناس وإعجابهم بأنفسهم، ونحو ذلك من المفاسد.

وأما إن خلا الوعظ من ذلك، وكان مفيدا، وموافقا لأدلة الشرع، وأريد به وجه الله، فلا حرج فيه، بل هو مندوب إليه.

وقد فصل في ذلك ابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» والسيوطي في (تحذير الخواص من أكاذيب القصاص).

وراجع الفتوى: 179619.

وأما القصص بمعنى الروايات فهذا شأن آخر، يُحمد أو يُذم بحسب أثره وما يرمي إليه. وقد سبق لنا ذكر حكمها، كما أشار إليه السائل.

وراجع في ذلك الفتويين: 47548، 139334.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني