الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَن حلف على شيء وألزم نفسه بأوامر صعبة عند الحنث

السؤال

أقسمت على نفسي أمام الله على ألا أسرف في النوم، بضوابط محددة، كتبتها في ورقة، واحتفظت بها.
ولكن في بعض الأيام تمرّ بي ظروف خارجة عن إرادتي، أو أنسى هذا القسم، أو تغلبني نفسي في بعض الأيام؛ فأزيد في وقت نومي على خلاف قسمي، فهل عليّ كفارة أو غيرها؟ مع العلم أني أقسمت أكثر من مرة، وأقررت على نفسي في الورقة المكتوبة أن أكفّر عن عملي، إن خالفت القسم بأوامر صعبة، أشد كثيرًا مما افترضه الله بشأن كفارة اليمين.
علمًا أنني لم أتلفظ بألفاظ النذر المعروفة، ولكنني أقسمت أني: سألتزم بما أقررته على نفسي، وإن لم أفعل، فإني ملزم بتطبيق العقوبات التي ذكرتها في الورقة. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه الطريقة ليست وسيلة مشروعة لمعالجة النفس، ومجاهدتها؛ فالمسلم لا ينبغي له أن يكثر من الحلف؛ فإن كثرة الحلف تحرج الحالف، وتضيق عليه، وربما عرضته لعدم حفظ اليمين المأمور به شرعًا، قال تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}، قال ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: جرى معتادهم بأن يقسموا إذا أرادوا تحقيق الخبر، أو إلجاء أنفسهم إلى عمل يعزمون عليه؛ لئلا يندموا عن عزمهم؛ فكان في قوله: {واحفظوا أيمانكم} زجر لهم عن تلك العادة السخيفة.

وهذا الأمر يستلزم الأمر بالإقلال من الحلف؛ لئلا يعرض الحالف نفسه للحنث. والكفارة ما هي إلا خروج من الإثم. وقد قال تعالى لأيوب -عليه السلام-: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث}، فنزهه عن الحنث بفتوى خصّه بها. اهـ.

وعلى كل حال؛ فإنك إذا لم تلتزم بما قررته على نفسك؛ فقد حنثت في يمينك، وتجب عليك كفارة يمين، ولو طبقت العقوبات التي ذكرتها.

ولا يجب عليك الالتزام بما قررته على نفسك من عقوبات.

وإذا لم تطبقها؛ فإنه لا تلزمك كفارة أخرى، بل لا تلزمك إلا كفارة يمين واحدة، وانظر الفتويين: 391042، 383770.

والأيمان تنحلّ بمجرد الحنث فيها، ولا تتكرر ما دمت لم تنوِ التكرار، وانظر الفتوى: 183545.

وأما مخالفتك لليمين من أجل أن نفسك تغلبك، ونحو ذلك؛ فليس مانعًا من الحنث، ولا يسقط الكفارة.

وأما نسيان اليمين: فإن الناسي ليمينه لا يحنث عند جماهير العلماء، وانظر الفتوى: 106314.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني