الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ميراث البنات إذا كان معهن بنات ابن، أو إذا وجد معهن ابن ابن

السؤال

قرأت التالي في مسائل الميراث: حين يموت الجد عن بنات وبنات ابن، فإذا كانت البنات فقط، فإنهن يأخذن فرضهن، الواحدة تأخذ النصف والاثنتان فأكثر يأخذن الثلثين، والباقي يكون لأولاد الابن ذكورهم وإناثهم، لأولاد الابن إذا كانوا ذكورًا أو ذكورًا وإناثًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنهم هم العصبة حينئذٍ: لم أفهم هذا المقطع: أما بنات الابن إذا كن إناثًا وليس معهن ابن ذكر فلا يرثن مع البنتين فأكثر؛ لأن الثلثين ذهبا فلم يبق لإناث الفرع حق، أما لو كانت الموجودة بنتا، فإنها تعطى النصف، ويعطى بنات الابن إذا كن بنات ليس معهن ذكر السدس تكملة للثلثين والباقي للعصبة، أما إن كان معهن ذكر فإنهن يأخذن الباقي مع أخيهن أو ابن عمهن الذي من درجتهن للذكر مثل حظ الأنثيين بعد البنت أو بعد البنتين فأكثر، أرجو التوضيح والدليل على هذا التفصيل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن الميت لو ترك جمعا من البنات ــ اثنتين فأكثر ــ لا ذكر معهن، فإن لهن الثلثين، لقول الله تعالى في الجمع من البنات: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ. {النساء:11}.

وثبت في السنة أن الاثنتين من البنات تأخذان الثلثين ـ أيضا ـ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى بنتي سعد بن الربيع الثلثين. والحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للأنثيين من البنات الثلثين. اهــ.
ثم إذا كان مع البنات بنات ابنٍ ــ واحدة أو أكثر ــ ولا يوجد ابن ابن ولو أنزل منهن، فإن بنات الابن ليس لهن شيء من التركة، لأن البنات الأعلى منهن درجة قد استغرقن الثلثين، فلم يبق لهن شيء، ودليل هذا التفصيل هو الإجماع، ولو وجد ابن ابن مع بنات الابن ــ في درجتهن أو أنزل منهن ــ فإنهن يرثن معه الباقي ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا قول عامة أهل العلم؛ إلا ابن مسعود فإنه أسقط بنات الابن في هذه الحال أيضا وجعل الباقي لابن الابن، قال ابن قدامة في المغني: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بَنَاتِ الصُّلْبِ مَتَى اسْتَكْمَلْنَ الثُّلُثَيْنِ، سَقَطَ بَنَاتُ الِابْنِ، مَا لَمْ يَكُنْ بِإِزَائِهِنَّ، أَوْ أَسْفَلِ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ يَعْصِبُهُنَّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ لِلْأَوْلَادِ إذَا كَانُوا نِسَاءً إلَّا الثُّلُثَيْنِ، قَلِيلَاتٍ كُنَّ أَوْ كَثِيرَاتٍ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَخْرُجْنَ عَنْ كَوْنِهِنَّ نِسَاءً مِن الْأَوْلَادِ، وَقَدْ ذَهَبَ الثُّلُثَانِ لِوَلَدِ الصُّلْبِ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُنَّ شَيْءٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَارِكْنَ بَنَاتِ الصُّلْبِ؛ لِأَنَّهُنَّ دُونَ دَرَجَتِهِنَّ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ ابْنٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ، كَأَخِيهِنَّ، أَوْ ابْنِ عَمِّهِنَّ، أَوْ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ كَابْنِ أَخِيهِنَّ، أَوْ ابْنِ ابْنِ عَمِّهِنَّ، أَوْ ابْنِ ابْنِ ابْنِ عَمِّهِنَّ، عَصَبَهُنَّ فِي الْبَاقِي، فَجُعِلَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَبِهِ قَالَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ إلَّا ابْنَ مَسْعُودٍ وَمَنْ تَبِعَهُ؛ فَإِنَّهُ خَالَفَ الصَّحَابَةَ فِي سِتِّ مَسَائِلَ مِنْ الْفَرَائِضِ، هَذِهِ إحْدَاهُنَّ، فَجَعَلَ الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ دُونَ أَخَوَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني