الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول النحاس يتعلق بكتاب الفراء (معاني القرآن) ولا يتعلق بالقرآن

السؤال

قرأت هذا الكلام في تفسير القرطبي -رحمه الله- عن سورة الروم في بداياتها: وحكى الفراء (من قبل ومن بعد) مخفوضين بغير تنوين. وأنكره النحاس ورده. وقال الفراء في كتابه: في القرآن أشياء كثيرة، الغلط فيها بين، منها أنه زعم أنه يجوز (من قبل ومن بعد)؛ وإنما يجوز (من قبل ومن بعد) على أنهما نكرتان. قال الزجاج: المعنى من متقدم ومن متأخر. انتهى.
ما هذا الذي يقوله الفراء: إن القرآن فيه أشياء كثيرة الغلط فيها بين، أعوذ بالله من كلامه هذا. هل من تفسير لكلامه؟
هذا الكلام لا أراه سوى كفر تجب التوبة منه، وليس من اختصاصي تكفير المعين، فالقرآن معجزة رب العالمين. إنه معجز. فكيف يقول هذا إن به الغلط. كيف تفسرون ذلك؟ ومن هو الفراء هذا الذي قال هذا الكلام السيء؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالفرّاء لا يمكن أن يصدر عنه مثل هذا الكلام السيء الذي قد يفهم مما نقل القرطبي، تجاه القرآن، فقد وصفه الحافظ الذهبي في سير أعلام بكونه ثقة علاّمة. وذكر من تصانيفه كتاب "معاني القرآن"

وعليه؛ ففي الكلام المنقول عن النحاس (وقال الفراء في كتابه) لام محذوفة خطأ، والصواب: وقال: "للفراء في كتابه ...،

ويؤيد هذا ما قاله ابن حيّان في تفسيره: البحر المحيط: وقال ابن عطية: ومن العرب من يقول: من قبلٍ ومن بعدٍ، بالخفض والتنوين. قال الفراء: ويجوز ترك التنوين، فيبقى كما هو في الإضافة، وإن حذف المضاف ....... .

وأنكر النحاس ما قاله الفراء وردّه، وقال للفراء في كتابه (في القرآن) أشياء كثيرة من الغلط، منها: أنه زعم أنه يجوز من قبلِ ومن بعدِ، وإنما يجوز من قبلٍ ومن بعدٍ على أنهما نكرتان، والمعنى: من متقدم ومن متأخر. اهـ.

فالنحّاس إذاً هو الذي وصف كتاب الفرّاء (في معاني القرآن) بكونه مشتملا على أشياء كثيرة من الغلظ. ولا يتعلّق الأمر بالقرآن العظيم حاشاه من ذلك.

أما الفرّاء فهو من علماء اللغة العربية.

يقول عنه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: العلامة، صاحب التصانيف أبو زكريا، يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسدي، مولاهم، الكوفي النحوي، صاحب الكسائي .. وكان ثقة.

ورد عن ثعلب أنه قال: لولا الفراء، لما كانت عربية، ولسقطت؛ لأنه خلّصها، ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد.

ونقل أبو بديل الوضاحي أن المأمون أمر الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو، وأفرِد في حجرة، وقرر له خدما وجواري، ووراقين، فكان يملي في ذلك سنين.

قال: ولما أملى كتاب: "معاني القرآن" اجتمع له الخلق، فكان من جملتهم ثمانون قاضيا، وأملى "الحمد" في مائة ورقة.

وقيل: عُرف بالفراء؛ لأنه كان يفري الكلام.

مات الفراء بطريق الحج سنة سبع ومائتين، وله ثلاث وستون سنة -رحمه الله. اهـ باختصار من سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني