الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال عند الغضب: تجعل الواحد يكفر غصبا عنه

السؤال

أمي مسلمة تصلي وتصوم وتقرأ القرآن، ولكنها في حالات الغضب تقول: أنت تجعلين الواحد يكفر غصبا عنه ـ فهل هذا كفر؟ وهي منذ زمن وهي تقولها وتكمل صلاتها وصيامها، وقبل أيام غضبت مني، لأنني أعيد الوضوء كثيرا، وقالت أنا لا أريد أن أصلي بسببك!! أريد أن أكفر!!فهل تكفر بسبب هذه الكلمة؟ وماذا عليها أن تفعل؟ وهل يجب على أبي أن يطلقها؟ أنا لا أريد أبي أن يترك أمي، وهل تكفيها التوبة؟ وهل هي محرمة على أبي أم لا؟.
أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول في البدء: إن إطلاق مثل هذه الألفاظ من الخطورة بمكان؛ فإنها مشعرة بهوان الدين في نفس من يتلفظ بها، وقد يكون لذلك عواقبه الجسيمة، فيجب نصح أمك بالحذر من التلفظ بمثلها، فقد يقول المرء الكلمة لا يلقي لها بالا فتكون سببا في هلاكه، روى البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق...
والذي يظهر - والله أعلم - أن أمك لا تكفر بمجرد ذكرها عبارة: تجعلين الواحد يكفر ـ فغاية ما فيها أنها إخبار بأن هذه التصرفات قد تدفع الشخص للكفر، وليس وقوعا في الكفر حقيقة، وكذلك قولها: أريد أن أكفر ـ فإنها لا تعتبر بمجردها كفرا، ولكن إذا نوت بذلك رفض الإسلام أو العزم على الكفر، فإنها تكفر بذلك، قال الزركشي في المنثور: لو نوى قطع الإسلام كفر بمجرد النية، وكذا لو عزم على الكفر غدا كفر في الحال. اهـ.

وكونها تصلي وتصوم دليل على أنها لا تنوي بذلك قطع الإسلام ولا العزم على الكفر، والأصل بقاؤها على الإسلام حتى يثبت ما يقتضي خروجها منه، فمن ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه إلا بيقين مثله، وبالتالي تكون العصمة الزوجية باقية، وعلى فرض وقوعها في الكفر، فما دامت قد صلت بعد ذلك، فإنها محكوم بإسلامها، قال البهوتي في الروض المربع: فإن صلّى الكافر - على اختلاف أنواعه، في دار الإسلام، أو الحرب، جماعة، أو منفردًا، بمسجد، أو غيره - فمسلم حكمًا، فلو مات عقب الصلاة، فتركته لأقاربه المسلمين، ويغسّل، ويصلَّى عليه، ويدفن في مقابرنا. اهـ.

ونختم بالقول إنه ينبغي بذل النصح لأمك بالحسنى وبيان وجوب حفظ اللسان وخاصة من مثل هذه العبارات، إضافة لاتقاء الغضب فهو مدخل للشيطان وباب للشر والفساد، ويمكن أن يستعان في نصحها ببعض المقربين إليها.

وننصحك بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يستفزها ويدفعها إلى الغضب، وإذا أردت الطهارة مثلا فيمكنك القيام بذلك بعيدا عنها، وإن كنت مصابة بالوسوسة، فأعرضي عن الوساوس، فإن أوهمك الشيطان أن موضع كذا لم يصبه الماء، فلا تبالي بذلك، وامضي في وضوئك غير مكترثة بالوساوس؛ واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم وأكثري من ذكر الله، فذلك من أنفع ما يعينك في التخلص من الوساوس، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 51601، وهي بعنوان: كلمة هادية في أسباب الوساوس وسبل التغلب عليها.

وراجعي كذلك الفتوى: 7578، وهي بعنوان: معالجة الوسواس في الوضوء وغيره.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني