الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأبوان الظالمان هل يباح للولد هجرهما للتخلص من الضرر؟

السؤال

وقع طلاق بين أبي وأمي منذ زمن. ومنذ يومها وهما يطردانني ويقومان بأذيتي، ولا يقبلان التحدث معي بأي شكل من الأشكال، ويعاملانني أسوأ معاملة. بقصد إغاظة بعضهما بعضا. ولا أعرف ماذا أفعل. هل قطعي لهما يعتبر عقوقا؟
مع العلم أنهما يرفضان وصالي بأي شكل حتى في الاتصال الهاتفي، ويشتمانني، ويهينانني لو حاولت التقرب منهما.
وأشعر بالحزن والنقص، فإخوتي يعيشون بحب العائلة، وأنا وحيد لا أحد يهتم بي.
هل ابتعادي عنهما وقطعهما بشكل نهائي فيه حرمة؛ لكي أرتاح من هذا العذاب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوالدان مفطوران على محبة الأولاد والشفقة عليهم؛ فمن المستغرب أن يقوم والداك بأذيتك وحدك دون إخوتك، وقطعك دون مسوّغ سوى إغاظة كل منهما الآخر!
وعلى أية حال؛ فإن كان الحال كما ذكرت؛ فإنّ والديك ظالمان وقاطعان للرحم، لكن ذلك لا يسقط حقّهما عليك، ولا يبيح لك هجرهما إلا بالقدر الذي يزيل عنك الضرر، أمّا هجرهما بالكلية فلا يجوز؛ وراجع الفتويين: 435385، 431425
فاحرص على برّ والديك وصلتهما بما تستطيعه ولا يضرك، واجتهد في استرضائهما بإلانة الكلام والتودد إليهما بالحسن من الأقوال والأفعال، فإنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة، ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.

فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء. فكيف بالوالدين اللذين هما أرحم الناس بولدهما؟
وإذا بذلت ما تقدر عليه، وبقيا على هجرك وأذيتك؛ فلا إثم عليك في هذه الحال، ولا يضرك غضبهما عليك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني