الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مطالبة الشريك برأس ماله ورفضه تحمل الخسارة

السؤال

أنا تاجر في مجال الاستيراد، قمت بالمشاركة مع أحد الأشخاص في تجارة الاستيراد ـ قدر الله وما شاء فعل ـ فبعد مباشرتنا للعمل وكما تعلمون الجور والظلم الذي نعاني منه من قبل الجمارك تم حجز بضاعتنا ظلما بحجة أنها ممنوعة من الاستيراد مؤقتا، وبطبيعة الحال أصبحنا بين أروقة العدالة للمطالبة بحقنا ـ والحمد لله ـ تمكنا من استرجاعها، وأثناء تلك المدة كانت هناك مصاريف داخلة في موضوع عملنا من كراء محل وتنقل ومحام وغيرها مما جره ما حصلنا لنا، فقرر من شاركني الانسحاب وطالب برأس ماله غير راض بتحمل الخسارة، مستعينا في ذلك بعدم وجود عقد شراكة مكتوب بيننا لأنه يشتغل محاميا، ولا يمكن له بطبيعة الحال ممارسة التجارة إضافة إلى مطالبته بنسبة من التعويض عن الخسائر التي تعرضنا لها والتي تقدمت بطلبها من الجهات القضائية المعنية، فما حكم ما قام به هذا الشريك خصوصا وأنه يعلم بكل تفاصيل ما جرى لنا من تعثر تجارتنا وعدم قبوله بتحمل أي خسارة، مستغلا في ذلك طيبتي وعدم إرادتي الدخول معه في نزاعات؟.
وبارك الله فيكم شيوخنا الكرام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالخسارة يتحملها جميع الشركاء، كل بحسب رأس ماله، فمن له ثلث رأس المال يتحمل ثلث الخسارة، ومن له نصف رأس المال يتحمل نصف الخسارة وهكذا، جاء في المدونة: قال مالك: الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما.

وجاء في نصب الراية للزيلعي: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.

وفي كشاف القناع: والوضيعة على قدر ملكيهما فيه، أي فيما يشتريانه، فعلى من يملك فيه الثلثين ثلثا الوضيعة، وعلى من يملك فيه الثلث ثلثها، سواء كانت لتلف أو بيع بنقصان، وسواء كان الربح بينهما كذلك أو لم يكن، لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مختص بملاكه، فوزع بينهما على قدر حصصهما. انتهى.

وفي المغني لابن قدامة: والوضيعة على قدر المال، يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساوياً في القدر، فالخسران بينهما نصفان، وإن كان أثلاثا، فالوضيعة أثلاث، لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. انتهى.

وبالتالي، فليس للشريك رفض مشاركة باقي الشركاء في الخسارة التي أصابتكم، إلا إذا ثبت كون الطرف الآخر ـ الشريك ـ تعدى أو فرط، وكان ذلك هو سبب الخسارة، فيتحملها هو دون غيره، لتفريطه، وتعديه.

وعلى كل فهذه المسألة فيها خصومة، وما كان كذلك لا يكفي فيه السؤال عن بعد، بل يعرض على المحاكم الشرعية ـ إن وجدت ـ أو يشافه أهل العلم به، ليسمع المفتي من طرفي الدعوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني