الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علامات الخذلان وكون الله تعالى قد وكل العبد إلى نفسه

السؤال

هل هناك علامات تدلّ على أن الله قد وَكَل العبد إلى نفسه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا وَكَل الله تعالى العبدَ لنفسه؛ فهذا هو الخذلان، كما قال بعض أهل العلم، جاء في شفاء العليل لابن القيم: والخذلان أن يخلي الله تعالى بين العبد وبين نفسه، ويكله إليها.

والتوفيق ضده: أن لا يدعه ونفسه، ولا يَكِله إليها، بل يصنع له، ويلطف به، ويعينه، ويدفع عنه، ويكلؤه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه.

فمن خلّى بينه وبين نفسه، هلك كل الهلاك؛ ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم "يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك".

فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس، فإن تولاه الله، لم يظفر به عدوه. وإن خذله وأعرض عنه، افترسه الشيطان كما يفترس الذئب الشاة. اهـ.

والخذلان له علامات معروفة في كتب أهل العلم، يقول عنها أبو طالب مكي، في قوت القلوب: ومن علامات الخذلان ثلاث: تعسّر الخيرات عليك، مع الطلب لها، وتيسر المعاصي لك، مع الرهب منها. وغلق باب اللجأ والافتقار إلى الله عزّ وجلّ في كل حال. اهـ.

ويقول الغزالي في إحياء علوم الدين: فمهما وقع العبد في ذنب، فصار الذنب نقدًا، والتوبة نسيئة؛ كان هذا من علامات الخذلان. انتهى.

فتحصّل من ذلك أن من تيسّرت له سبل المعصية، وسوَّفَ التوبة، واحتقر ذنوبه، فلم يبالِ بها، واجترأ على ربه تعالى، وتعدّى حدوده، واسترسل في طاعة الشيطان، واتّبع هواه، وغفل عن ذكر ربه ومولاه؛ فهذا الذي قد وكله الله إلى نفسه، وهذه كلها علامات خذلانه، وكون الله تعالى قد وكله إلى نفسه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني