الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس الواصل بالمكافئ

السؤال

أقمت حفل زفاف ابنتي منذ شهر ودعوت أختي عن طريق زوجها، لكنها لم تقم بتلبية الدعوة، وبعدها جاء عيد الأضحى المبارك فاتصلت عليها لكنها لم ترد علي، ومنذ أسبوع اتصلت بي على المحمول، فلم أرد عليها، وفي اليوم الموالي هاتفني زوجها ودعاني لحضور زفاف ابنته التي هي بنت أختي، ولهذا، فأنا في حيرة من أمري، الرجاء أن تنوروني كيف أتصرف شيوخنا الأفاضل، فأنا إنسان تقي وأخاف من الله، وعائلتي تريد مني أن لا أحضر، لأنها لم تقم بتلبية دعوتي لحضور زواج ابنتي، فكيف أتصرف لكي أرضي الله؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا ندعوك في البدء لالتماس السبب الذي دعا أختك لعدم تلبية دعوتك، فقد يكون لها عذر في ذلك، وقد تكون لم ترتض ما قمت به من توجيه الدعوة إليها عبر زوجها - وهي أختك - واعمل على معالجة كل سبب بما يناسبه حتى يزول الإشكال، ولا يكون للشيطان مدخل للتفريق بينكما، فهذه غاية ما يتمنى، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال - فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.

وعلى تقدير أنه ليس لها سبب، فلا تعاملها بالمثل، فحقيقة الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها، ففي الحديث عن عبد الله ابن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.

قال المناوي في فيض القدير في شرح هذا الحديث: وهذا إشارة إلى الرتبة العليا في ذلك، وإلا فلو لم يقطعه أحد من قرابته، واستمر هو على مواصلاتهم عد واصلًا، لكن رتبته دون من وصل من قطعه. اهـ.

فهذه فرصة عظيمة لنيل المراتب العلى في الصلة وما أعده الله للعافي عن الزلة، فلا تضيعها، فصل أختك وإن قطعتك، روى مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. والمل هو الرماد الحار.
ولا تلتفت إلى من يريدون أن يمنعوك من صلتها وعدم الاستجابة لدعوتها، فلو أن والديك هما من يمنعانك لم تجب عليك طاعتهما في ذلك؛ فلا تجب الطاعة فيما ليس لهما فيه غرض صحيح، ثم إن إجابة دعوة وليمة العرس واجبة على الراجح، كما هو مبين في الفتوى: 117724.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني