الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل لمن أخرج الزكاة عن ذهب لم يبلغ النصاب أن يخصمه من الزكاة الواجبة؟

السؤال

كنت أسمع بصورة دائمة أو شبه دائمة أن نصاب زكاة المال 85 جرامًا ذهبًا، ولكنني لم أكن أعرف أن المقصود بالـ 85 جرامًا ذهبًا هو عيار 24، وكنت أظن أنه عيار 21، ولم أكن أعرف أن زكاة عيار 21 تساوي ما يقرب من 97 جرامًا، فما حكم المال الذي أخرج على مال لم يبلغ النصاب؟ وهل يجوز أن أخصم المال الذي دفع زكاة على مال لم يبلغ النصاب من زكاة المال إذا بلغ النصاب؟ بمعنى أنني إذا أخرجت 1000 جنيه زكاة على مال لم يبلغ النصاب، فهل أخصم ال 1000 جنيه هذه عندما يبلغ النصاب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد رجّحنا في الفتوى: 125255 أن الذهب عيار 21 وما دونه، يزكّى الخالص منه فقط إذا بلغ 85 جرامًا.

فما أخرجته عن الذهب الذي لم يبلغ نصابًا، لا يكون زكاة؛ لأن من شرط الزكاة بلوغ النصاب، ويكون صدقة تؤجر عليها -إن شاء الله تعالى-، وقد قال الله تعالى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَرُوهُ {آل عمران:115}، بالتاء في قراءة متواترة، والمعنى: أَيْ: لَا يَضِيعُ عِنْدَ اللهِ، بَلْ يَجْزِيكُمْ بِهِ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ.

وأما هل لك أن تحتسب ذلك المال المدفوع عن زكاة سنة تالية مستقبلًا.

فالجواب: لا، فقد ذكر الفقهاء أنه متى لم يقع المال المدفوع زكاة؛ فإن الدافع لا يستردّه من الفقير، أو المسكين؛ لأنه ملكه بالقبض، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بَانَ أَنَّ الْمُخْرَجَ غَيْرُ زَكَاتِهِ؛ فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ: هَذَا الْمَذْهَبُ. لِوُقُوعِهِ نَفْلًا. بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا. اهــ.

وإذا كان الفقير أو المسكين قد ملكه؛ فقد خرج عن ملكك أنت، ولا يصحّ أن تستفيد منه؛ فتحسبه عن زكاة سنة تالية.

ولا يمكن كذلك اعتبار هذا المال الذي أخرجته من باب تعجيل الزكاة؛ لأن تعجيل الزكاة يشترط لصحته بلوغ المال النصاب، قال ابن قدامة في المغني: فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ. وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ نِصَابٍ؛ فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ، أَوْ زَكَاةَ نِصَابٍ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَعَجَّلَ الْحُكْمَ قَبْلَ سَبَبِهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني