الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إقراض الغير للحصول على الخصم عند الدفع النقديّ ثم إعادة رأس المال ونسبة الخصم

السؤال

صديقي يعمل في التجارة، وطلب مني مشاركته بالمال، فهو يحصل من المصانع على خصم في حال الدفع النقديّ بمقدار 5%، ثم عند البيع يعيد لي رأس المال، ويضيف عليه نسبة الخصم كمرابحة، فهل في ذلك شبهة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالظاهر من السؤال أن صديق السائل يشترط على نفسه ردّ رأس المال، مضافًا إليه نسبة الخصم كربح للسائل:

وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا تصح هذه المعاملة، فإن مجرد ضمان رأس المال -فضلًا عن الربح- تبطل به المضاربة (القراض).

وحقيقة المعاملة المذكورة أنها قرض جرّ نفعًا للمُقرِض؛ فكانت ربا. وراجع في ذلك الفتاوى: 274996، 415924، 260476.

وقولك في آخر السؤال: "يعيد لي رأس المال، ويضيف عليه نسبة الخصم كمرابحة"، إن كان المقصود به أن المعاملة مرابحة لا شراكة؛ فهي ليست مرابحة أيضًا؛ لأنك لم تشترِ السلع حقيقة، ولم تَبعْه إياها، وإنما دفعت إليه فقط ليشتري هو لنفسه، وهذا يعتبر قرضًا، والقرض لا يصحّ الربح فيه؛ فكل قرض جرّ نفعًا، فهو ربا، يقول ابن عبد البر: وكل زيادة في سلف، أو منفعة ينتفع بها المسلف؛ فهو ربا، ولو كانت قبضة من علف؛ وذلك حرام، إن كان بشرط. اهـ.

وإنما تصحّ المعاملة مرابحة لو كنت تشتري السلع حقيقة، فإن قبضتها وملكتها ملكًا تامًّا بِعتها لصاحبك عندئذ بربح؛ سواء كان مقدار الربح نسبة الخصم 5%، أو أقل، أو أكثر؛ فالربح في البيع جائز، والربح في القرض حرام، قال تعالى: وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}، وجاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي: بيع المرابحة للآمر بالشراء، إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعًا، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الردّ بالعيب الخفيّ، ونحوه من موجِبات الردّ بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع، وانتفت موانعه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني