الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرسوب في الدراسة لا يبرّر فعل مثل هذه المخالفات الشرعية

السؤال

ابنتي تبلغ من العمر 22 سنة، انقطعت عن دراستها عندما رسبت، فأحسّت أن أخاها الذي يكبرها أحسن منها، فلم تعد تطيقه، وتتهمني أنني دائمًا في صفّه، ووصل بها الحال إلى أنها لم تكلمني منذ أكثر من شهرين، فهل أكلّمها أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فينبغي لك أن تكلّمي ابنتك، وتوجّهي إليها النصح، والإرشاد؛ حتى تستطيع التغلب على أخطائها، والتوبة منها.

وحاولي إقناعها بالعودة إلى دراستها.

وبيّني لها أن الرسوب مسألة عابرة، قد تكون نتيجة للتقصير، والإهمال، ومن الممكن التغلب عليها بالاستعانة بالله تعالى، ثم بالمثابرة، والاجتهاد.

كما ينبغي لك الحرص على التسوية في المعاملة بين الأولاد، وعدم إظهار الميل لبعضهم على حساب الآخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.

كما ينبغي لأخيها نصحها، وإرشادها، والتخفيف من أحزانها.

وأما البنت المذكورة، فإنها على خطر عظيم؛ لعقوق أمّها، والتي من الواجب عليها أن تبرّها، وتحسن صحبتها، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15}، وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، وفي الصحيحين أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.

ومن أبشع صور عقوقها: هجرها المستمرّ لأمّها، وربما لأخيها أيضًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.

ومن مخالفاتها -شرعًا- حسدها لأخيها؛ لكونه متفوقًا عليها في دراسته، وقد قال الله تعالى في شأن اليهود: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا [النساء:54].

فعلى هذه البنت أن تبادر بالتوبة إلى الله، وتستدرك ما وقع منها من عقوق، وحسد قبل حلول الموت، وفوات الأجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني