الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاركة التجارية للظالِم أو الاقتراض منه، هل تُعدّ ركونًا إليه؟

السؤال

إذا كان هناك رجل أعمال يغلب على الظنّ فساده، واتهم في أكثر من قضية من قبل، فهل يجوز أخذ تمويل منه، أو من أحد مديري شركاته؛ لعمل مشروع يعود بالنفع عليّ؟ وهل يكون هذا من الركون إلى الذين ظلموا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان مالُ هذا الرجل خالصًا من الحرام؛ فلا تجوز معاملته.

وإن كان مختلطًا؛ فتحرم في عين المال الحرام، إن عرف. وتكره إذا كان ماله مختلطًا دون تمييز بين حلاله وحرامه، وراجع في ذلك الفتاوى: 7707، 27917، 65355.

وعلى أية حال؛ فالأفضل للمسلم أن يبتعد عن أمثال هؤلاء، فقد نصّ الفقهاء على كراهية مشاركة من لا يتحاشى التعامل بالحرام، وراجع في ذلك الفتويين: 17220، 126336.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: وهكذا السنة في ‌مقارنة ‌الظالمين والزناة، وأهل البدع والفجور وسائر المعاصي: لا ينبغي لأحد أن يُقارِنهم، ولا يُخالِطهم، إلا على وجه يَسْلَم به مِن عذاب الله عز وجل، وأقلّ ذلك أن يكون مُنكِرًا لظلمهم، ماقِتًا لهم، شانِئًا ما هم فيه، بحسب الإمكان، كما في الحديث: "من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وقال تعالى: {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون} الآية، وكذلك ما ذكره عن يوسف الصدّيق وعمله على خزائن الأرض لصاحب مصر لقوم كفار؛ وذلك أن مقارنة الفجّار إنما يفعلها المؤمن في موضعين:

أحدهما: أن يكون مُكرَهًا عليها.

والثاني: أن يكون ذلك في مصلحة دينية راجحة على مفسدة المقارَنة، أو أن يكون في تركها مفسدة راجحة في دِينه؛ فيدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما، وتحصل المصلحة الراجحة باحتمال المفسدة المرجوحة. اهـ.

‌‌وعلى ذلك؛ فالمشاركة التجارية للظالم، لا تعد ركونًا محرّمًا إليه، إلا إن اقترنت بمداهنته، وطاعته في ظلمه، أو الرضا به، وعدم إنكاره عليه. وانظر للفائدة الفتوى: 295780.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني