الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من أخذ النصيب من الأرض الموروثة ظلما

السؤال

لي خال غير شقيق لأمي توفي، وجدي أبو أمي رباه مثل ابنه، وكمَّل له تعليمه، وأصبح مدرسًا، وبعد وفاة جدي خالي خدع أمي وخالتي، وهما في عمر ما بين ١٢ إلى ١٥ سنة، وجعلهما توقِّعان على عشرة أمتار في البيت، وأخذ نصيب جدتي رغما عنها. وقال لأمي: إنه اشتراه منها، وغير راض أن يريهم العقد.
والآن أمي باعت لخالي بقية نصيبها في البيت، وقد أضاف إليه في نفس العقد العشرة أمتار التي أخذها من قبل ظلما، وبعد ما تم قياس البيت أخبر أمي بقياس مختلف، واتضح أن لها ثلاثة أمتار أخرى، وقام بكتابتها في العقد، ولم يعطها حقها.
والآن بعد مرور حوالي ٢٧ سنة على هذا الأمر، يريد أن يعطي لأمي ستة آلاف جنيه، ويقول لها هذ حقك، ويُظْهِر لنا أن ضميره قد استفاق.
سؤالي: هل أمي لها الحق أن تطالب بثمن العشرة أمتار بسعر اليوم؟ أم ترضى بالستة آلاف التي أعطاها إياها؟ وكذلك الأمتار الثلاثة الأخرى التي أخذها بغير وجه حق، وسجلها في العقد، وينكر وجود خطأ في القياس من الأساس. وهل ما قام بأخذه من جدتي رغما عنها، وقام بتسجيله لملكيته كما يقول، هل يمكنهم المطالبة به؟ وما جزاؤه عند الله بعد كل ذلك الظلم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أخي السائل أولا أن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك، ولا يتسنى ذلك للمفتي، وليست الفتوى كالحكم.

ولكن ما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه، فنقول: لو ثبت أن خالك ظلم أمك، أو جدتك؛ فإن حقهما لا يسقط بالتقادم، ولهما الحق في المطالبة به كاملا، وترفع القضية إلى المحكمة؛ كما ذكرنا.

وعاقبة الظلم وخيمة، والظلم في الأرض جاء فيه الوعيد الشديد، ففي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ. وفي حديث علي -رضي الله عنه- في صحيح مسلم مرفوعا: لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ.

قال ملا القاري في مرقاة المفاتيح: مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ أَيْ: رَفَعَهَا وَجَعَلَهَا فِي أَرْضِهِ وَرَفَعَهَا لِيَقْتَطِعَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِ الْجَارِ إِلَى جَارِهِ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني