الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: "جلوس المرء عند عياله أحبّ إلى الله من اعتكاف في مسجدي هذا"

السؤال

هل هذا الحديث صحيح: "جلوس المرء عند عياله، أحبّ إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا"؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نقِفْ على هذا الحديث بعد البحث عنه في جميع المصادر التي بين أيدينا؛ فلا يَبْعُد أن يكون من الأحاديث الموضوعة، التي لا أصل لها.

هذا، وقد جاءت عِدَّة أحاديث صحيحة تحثّ على الإحسان، والبِرِّ، والرِّفْق بالزوجة والأولاد، وفيها غُنْية عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة:

منها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قَبَّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وعنده الأقرع بن حابسٍ، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لا يَرْحَم لا يُرحم. متفقٌ عليه.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم ناسٌ من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أتُقبِّلون صبيانكم؟ فقال: نعم، قالوا: لكنا -والله- ما نقبل! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَوأَمْلكُ إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة! متفقٌ عليه.

وعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عالَ جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضمَّ أصابعه. رواه مسلم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخلت عليّ امرأةٌ ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرةٍ واحدةٍ، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا، فأخبرته، فقال: من ابتُلي من هذه البنات بشيءٍ، فأحسن إليهن، كُنَّ له سترًا من النار. متفقٌ عليه.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني مسكينةٌ تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمراتٍ، فأعطت كل واحدةٍ منهما تمرةً، ورفعت إلى فيها تمرةً لتأكلها؛ فاستطعمتها ابنتاها، فشقّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار. رواه مسلم.

وعن أبي شريحٍ خويلد بن عمروٍ الخزاعي -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أُحَرِّج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة. حديث حسن، رواه النسائي بإسنادٍ جيدٍ.

وعن عمرو بن الأحوص الجشمي -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى، وأثنى عليه، وذكر، ووعظ، ثم قال: ألا واستوصوا بالنساء خيرًا .... الحديث. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

وعن معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله؛ ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تُقبِّح، ولا تهجر إلا في البيت. حديثٌ حسنٌ، رواه أبو داود، وقال: معنى لا تقبح أي: لا تقل قبحك الله.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدّقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني