الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يثبت التحريم بالشك في عدد الرضعات؟

السؤال

عندي مسألة بخصوص الرضاعة: تقدمت لخطبة بنت عمتي، فأخبرتني أمي أن عمتي قد أرضعتني، وعندما سألت عمتي أخبرتني أنها أعطتني ثلاث مرات، أو أربع، ولم تصل إلى الخمس، ولكن أمي تظن أنها خمس. وعندما سألت عمتي عن عدد الرضعات المشبعات أخبرتني أنها لم تنتظرني أتركها، بل كانت هي تأخذه عني عندما تجدني أبدأ في السكوت عن البكاء. وعند سؤال أمي أيضا أكدت ما قالته عمتي، فقد كانت تراها تأخذه عني، ولم تتركني لأتركه أنا.
وهنالك أمور أخرى من المحتمل أنها مهمة بخصوص هذه المسألة. وهي أنه عندما سألتهما، متى حصل الأمر أخبراني أنه ثاني يوم ولادتي، وكانت عمتي أول من أرضعني، فقد جاءت إلينا مع ابنتها التي كانت ترضعها عند ظهر اليوم، وبقيت حتى منتصف الليل، وقد أرضعتني خلال الإثني عشر ساعة هذه فقط، ولم ترضعني بعدها مرة أخرى.
وأيضا عندما سألتها لماذا كانت تأخذه عني، ولم تكن تتركني لأشبع؟ قالت إنها كانت تخشى أن ينتهي حليبها، وتترك ابنتها جائعة، لأنها كانت تنزل الحليب من جانب واحد فقط، وكميته قليلة، وأن الجانب الأيمن لم ينزل منه الحليب أبدا، ثم أخبرتني أنها كانت حريصة على أن تترك من الحليب لابنتها، وأيضا لم ترضع عمتي أحدا خلاف أبنائها غيري، ولم ترضع أمي أحدا خلاف أبنائها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في عدد الرضعات المحرّمة، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة -في رواية- إلى حصول التحريم برضعة واحدة، وذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب، إلى اشتراط خمس رضعات مشبعات، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى: 9790.

والمعتبر في الرضعات أن يكنّ متفرقات، بحيث يترك الطفل الثدي باختياره، ثم يعود إليه في ذلك المجلس، أو في غيره.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والمرجع في معرفة الرضعة إلى العرف؛ لأن الشرع ورد بها مطلقا، ولم يحدّها بزمن، ولا مقدار، فدلّ ذلك على أنّه ردّهم إلى العرف. فإذا ارتضع الصبي، وقطع قطعا بينا باختياره، كان ذلك رضعة، فإذا عاد كانت رضعة أخرى. انتهى.

وفي حال الشك في عدد الرضعات: هل هي خمس أم أقل؟ فإن التحريم لا يثبت.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا وقع الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضاع المحرم، هل كمل أو لا؟ لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه، فلا نزول عن اليقين بالشك. انتهى.

لكن الذي ننصح لك به؛ ألا تتزوج من بنات عمتك التي أرضعتك؛ خروجًا من خلاف أهل العلم القائلين بالتحريم بالمرة الواحدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني