الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قضاء الدين بمثله دون الزيادة

السؤال

رجل سافر منذ حوالي عشرين عاما لدراسة الدكتوراه في الخارج، على حساب جامعة أجنبية. وحوَّل بعض نقوده للعملة الأجنبية، وأخذها معه. ثم زادت مدة دراسته عن المدة التي تدفع له الجامعة الأجنبية أجرها بعام ونصف، فطلب من والده مبلغا؛ لاستكمال دراسة العام والنصف؛ فحوله له بالعملة الأجنبية نقودا.
وقد أخذ الرجل من والدته قبل السفر بعض المال، وحوَّلت له والدته وهو في الخارج بعض النقود. ولما رجع قال له والده: ما رجعت به من عملة أجنبية يُرد لوالدك. لكن الرجل أعطى له بعض ما بقي، واحتفظ لنفسه بالجزء الباقي؛ لأنه مال الرجل سواء أخذه قبل سفره من ماله الخاص، أو من راتبه من الجامعة، أو أعطته له والدته سواء قبل سفره، أو حولته له وهو يدرس في الخارج.
الآن الوالد رجل كبير في السن، ولا يفهم بسهولة، ولا يستطيع أن يتكلم جيدا حتى يسأله هل يرد الباقي أم لا؟ لكن سأله فقال له والده: أنا لا أتذكر ما فات، إن كان لي شيء أعطه لشقيقك، هو الذي معه مالي، وتوكيل في التصرف فيه.
هل يجب رد الجزء الذي احتفظ به الرجل لنفسه كماله، أو من مال والدته لشقيقه ليدخل حساب الوالد؟ الوالد يتعامل بفوائد البنوك، وقد بنى عقارا بعد عودة الابن من الخارج، يعني يستثمر ماله بهذه الطريقة.
هل يرد أصل المبلغ أم بفوائد عشرين عاما، أو بسعر نسبة زيادة الأموال في العقارات. أم يعتبر دينا يرد أصله فقط؟
يعني هل يعتبر كأن والده وضع المبلغ في البنك، وأخذ فوائده لعشرين عاما، فيرد المبلغ بزيادة الفوائد أم لا؟ أم يجب رده مع زيادة؛ لأنه لو كان قد استثمره في العقار الذي بناه، لزاد المبلغ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الوالد أرسل لولده هذا المبلغ على سبيل القرض، لما طلب منه مبلغا لاستكمال الدراسة في العام والنصف الزائدة، فإنه يثبت في ذمة الولد دينا بالعملة التي استلمه بها إن كنت طلبتها منه، وهي العملة الأجنبية على ما يظهر من قول السائل: (فحوله له بالعملة الأجنبية).

وكذلك الحال في أي مال أعطاه الوالد لولده أثناء فترة دراسته، إن كان على سبيل القرض، فإنه يثبت في ذمة الُمقترِض (الابن) بالعملة التي استلمها.
وعلى ذلك، فإن كان المبلغ الذي رجع به الولد من العملة الأجنبية لا يزيد على قدر القرض، فإنه يرده كله لوالده الذي قال له: (ما رجعت به من عملة أجنبية، يرد لوالدك).
وأما إن كان زائدا على قدر القرض، فله الاحتفاظ به بما زاد عليه؛ لأنه لا يلزمه إلا قضاء ما عليه من الدين.
وقضاء الدين يكون بمثله، ولا يجوز أن يراعى في قضائه ما كان يمكن أن يربحه أصله إذا استُثمِر، فإن ذلك هو عين الربا المحرم!

وانظر للفائدة، الفتوى: 114210.
هذا .. مع أهمية نصح الوالد بطريقة مناسبة بأن يتوب من التعامل بالربا، فإنه من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني