الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَن اتفق مع عامل على عمل معين ثم وجد مَن سيكمله في مدة أقل، فهل له الفسخ؟

السؤال

اتفقت مع صانع على عمل يعمله لي، لكنه سينفذه بعد عشرة أيام، وجاءني صانع آخر سينفذ العمل في اليوم التالي، وبنفس السعر، فهل يجوز الاتفاق معه، وترك الأول؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالراجح الذي عليه الجمهور أنه يصحّ إضافة الإجارة إلى زمن مستقبل، قال ابن قدامة في المغني: لا يشترط في مدة الإجارة أن تلي العقد، بل لو أجّره سنة خمس، وهما في سنة ثلاث، أو شهر رجب في المحرم؛ صح، وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: لا يصحّ إلا أن يستأجرها من هي في إجارته...

ولنا أنها مدة يجوز العقد عليها مع غيرها؛ فجاز العقد عليها مفردة مع عموم الناس، كالتي تلي العقد، وإنما تشترط القدرة على التسليم عند وجوب التسليم، كالمسلم فيه، ولا يشترط وجوده، ولا القدرة عليه حال العقد ... اهـ.

وبخصوص الإجارة الواردة في السؤال؛ فهي على عمل في الذمّة، وما كان كذلك؛ صحّ إضافته إلى زمن مستقبل حتى عند الشافعية أنفسهم، قال النووي في «روضة الطالبين»: الإجارة تنقسم إلى واردة على العين، وعلى الذمّة.

أما إجارة العين، فلا يصحّ إيرادها على المستقبل، كإجارة الدار السنة المستقبلة، والشهر الآتي ...

أما الواردة على الذمّة، فيحتمل فيها التأجيل والتأخير، كما إذا قال: ‌ألزمت ‌ذمّتك ‌حملي ‌إلى ‌موضع كذا، في دابة صفتها كذا غدًا، أو غرة شهر كذا، كما لو أسلم مؤجلًا. اهـ.

وإذا صحّت الإجارة وانعقدت، فهي ملزمة للطرفين، كالبيع، فليس لأحدهما فسخها دون رضا الآخر.

ومن ثم؛ فليس للسائل أن يستقلّ بفسخ عقده مع الأول، وإنما يطلب منه فسخ العقد، وإلغاء آثاره -وهو ما يعرف بالإقالة-؛ فإن رضي، وإلا لزمه المضي فيه، وهذا إذا كان المتعاقد عليه هو العمل فقط -كما هو ظاهر السؤال-.

وأما إذا كان العقد على العمل، وعلى المواد اللازمة له؛ فهو عقد استصناع لا إجارة، وعقد الاستصناع محلّ خلاف بين الفقهاء، سواء في مشروعيته وشروطه، أم في لزومه، والمفتى به عندنا أنّه من العقود اللازمة؛ فيكون حكمه كالسابق، وراجع في ذلك الفتاوى: 11224، 115743، 363193.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني