الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مراسلة الخاطِب للتأكّد من بعض الشكوك

السؤال

تقدم لخِطبتي شخص، وقد مدحه الكثيرون أنه على خُلُق ودِين، ومع ذلك أجد في نفسي شكوكًا كثيرة، وأسئلة للتثبّت أريد طرحها، ولكن الحرج يمنعني من قول بعض تلك الأسئلة مباشرة، ففكّرت في تفويض شخص لسؤاله، فلم أجد شخصًا مناسبًا، فهل يجوز لي استخدام رقم غريب لسؤاله، والتأكّد مما في بالي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شكّ في أن معرفة حال الخاطب أمر مهم؛ إذ ينبغي إحسان الاختيار، والتأكّد من دِين الخاطب وخُلُقه؛ فإن هذا من أهم عوامل النجاح في الحياة الزوجية.

ومن هنا جاءت السنة النبوية بالحثّ على ذلك، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دِينه وخُلُقه؛ فزوّجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. وفي رواية الترمذي: إذا خطب إليكم ...

وجاء في شرح السنة للبغوي: عن الحسن البصري أنه أتاه رجل، فقال: إن لي بنتًا أحبُّها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوّجها؟ قال: (زوِّجها رجلًا يتّقي الله، فإنه إن أحبّها؛ أكرمها، وإن أبغضها؛ لم يظلمها).

وإن من أفضل السبل لمعرفة حال الخاطب سؤال الثقات عنه ممن لهم معرفة به، واطّلاع على حاله، فإن أَثْنوا عليه خيرا، قُبِل خاطبًا، وإلا رُدَّ.

وإذا كانت هذه الشكوك التي تدور في نفسك لا تقوم على أساس، وإنما هي مجرد أوهام وتخيّلات؛ فأعرضي عنها، وخذي بقول الثقات، فإن ذكروا أنه أهل لأن يُقبَل زوجًا، فاستخيري الله فيه، فبالاستشارة والاستخارة يكون التوفيق من الله تعالى؛ ولذلك قيل: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، وراجعي في الاستخارة الفتويين: 19333، 123457.

وإن كانت هذه الشكوك تستند إلى ظن قوي، فالتثبّت فيها أمر مهم، ولكن إن أمكن أن يقوم بذلك وَلِيُّك، أو أحد محارمك، كان أفضل؛ فإن الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية مدعاة للفتنة؛ ولذلك شدّد الفقهاء في ذلك، وقد نقلنا كلامهم في هذا الخصوص في الفتوى: 21582.

وإن كانت هنالك حاجة لأن تسأليه بنفسك؛ فلا بأس بذلك؛ بشرط مراعاة الضوابط الشرعية؛ فيكون الكلام بقدر الحاجة، مع اجتناب كل ما يؤدّي للفتنة من اللين في القول، ونحو ذلك، وانظري الفتوى: 202021.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني