الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز الإقدام على ما يضر الجنين إذا نفخت فيه الروح

السؤال

أنا متزوج و قد رزقنا الله بطفل طبيعي عمره الآن 13 سنة. حملت زوجتي بعدها 3 مرات وفي كل مرة يكون الطفل ذكراً ولكن مصاب بمرض لا يمكنه من الحياة أكثر من سنتين و يتوفى. لجأنا إلى أهل العلم في الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا و اليابان وأخيرا في الصين لإيجاد طريقة ما تمكننا من تشخيص المرض قبل 12 أسبوعا من عمر الجنين و لكن لم نجد و الطريقة الوحيدة هي عمل تنظير للرحم و أخذ عينة من شعر الجنين و الذي يتكون بعمر 20 أسبوعا. وقد ينتج عن هذا الفحص مضاعفات قد تؤدي إلى فقدان الجنين. فما الحكم في إجراء هذه العملية و جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فحيث أن هذا الفحص لا يتم إلا بعد عشرين أسبوعاً على تكون الجنين، وقد ينتج عنه مضاعفات تؤدي إلى فقدان الجنين، فلا يجوز الإقدام عليه وذلك لأمرين:
الأول: أنه لو ثبت كون الجنين مصاباً لم يجز إسقاطه، لكونه قد بلغ خمسة أشهر وتجاوز بذلك مرحلة نفخ الروح، وقد أجمع العلماء على تحريم إسقاط الجنين في هذه المرحلة لا نعلم عنهم خلافاً في ذلك، ولم يستثنوا إلا حالة واحدة وهي حالة وجود ضرر محقق على حياة الأم، وأما كون الطفل سيولد مصاباً بمرض قد يؤدي إلى وفاته بعد عامين فهذا لا يبيح إسقاطه والاعتداء عليه.
الثاني: أنه مع انتفاء الفائدة من هذا الفحص كما سبق، قد يترتب عليه مضاعفات تؤدي إلى موت الجنين - كما في السؤال- وهذا سبب في قتل النفس التي خلق الله بغير حق. وحيث علم أو غلب على الظن أن فحصا ما يؤدي إلى موت الإنسان لم يكن من الجائز الإقدام عليه.
والذي ننصحكما به أن تسلما الأمر لله خالق السماوات والأرض، ومن بيده ملكوت كل شيء، فهو الخالق الذي يعلم ما خلق، وهو أرحم بهذا الجنين من أمه وأبيه، ولا حكم أعدل من حكمه، ولا قضاء أفضل من قضائه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
ولعل الله أراد أن يدخر لكما من وراء هذا الأمر أجراً عظيماً وثواباً كبيراً : روى الترمذي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد"، وروى الشيخان واللفظ للبخاري: " أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد، كانوا لها حجاباً من النار" قالت امرأة: واثنان؟ قال: "واثنان".
وعند البخاري أيضاً: "ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من ولده لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم". وروى أحمد والنسائي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله بفضل رحمته إياهم الجنة، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم "
وروى مسلم: " لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد، فتحتسبهم إلا دخلت الجنة، واثنان ". وروى النسائي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل مات ابنه: "يا فلان! أيما كان أحب إليك: أن تمتع به عُمُرَك؟ أوْ لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟"
وروى البخاري: " يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة"
فأبشرا بفضل الله تعالى ونعمته، واصبرا على ما قضى الله تعالى وقدر، وأكثرا من الدعاء والاستغفار، قال الله تعالى: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمدكم بأموال وبنين ) [نوح:10، 12].
والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني