الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق الصوري لانتفاع المرأة براتب أبيها

السؤال

أنا سيدة في أواخر الأربعينات، لديَّ ثلاثة من الأبناء في الجامعة، والثانوي، والإعدادي، وزوجي حاصل على مؤهل عالٍ، لكنه لا يجد وظيفة مناسبة رغم البحث الدائم، وكل الوظائف التي يجدها مؤقتة، وعمله لا يكفي إلا القليل، وأصبحنا في احتياج دائم، وديون متراكمة، ولا نستطيع الحياة في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية، فهل يجوز لنا الطلاق الصوري، والانتفاع بمعاش والدي القليل، ولكن يكفيني من العمل والخروج وأذاه؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من سؤالك أن استحقاق هذا المعاش من شرطه أن تكون المرأة مطلّقة حقيقة -أي: ظاهرًا وباطنًا-، فإذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز الاحتيال بأي حيلة لأخذه، بل هو نوع من السحت، فلا يحلّ، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}.

ثم إن الواجب على المسلمين الوفاء بما بينهم من الشروط، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وروى الترمذي عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرّم حلالًا، أو حلّ حرامًا.

وننبه هنا إلى أن الطلاق الصوري إذا تضمّن نطق الزوج بالطلاق؛ فإن طلاقه يقع، ولا عبرة بقصده؛ فالهزل لا يمنع وقوع الطلاق، فقد ثبت عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهنّ جد، وهزلهنّ جد: النكاح، والطلاق، والرجعة.

وعلى زوجك الاجتهاد في البحث عن سبيل للرزق.

وعليكم بالإكثار من الدعاء، وحسن الظنّ بالله، واليقين بالإجابة؛ فهو القريب المجيب، كما قال في محكم كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

وإذا اتّقى المسلم ربّه، كان ذلك بابًا للرزق، وإذا ترك شيئًا لله أبدله خيرًا منه، قال عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يحتسب {الطلاق:2-3}، وثبت في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئًا اتّقاء الله عز وجل، إلا أعطاك الله خيرًا منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني