الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب كتمان السر إلا لمصلحة شرعية

السؤال

ماذا أفعل إذا قال لي أخي: لا تخبر أبي عندما يكون لدي موعد مع الطبيب؟
والدنا يعرف عن الموعد، ولكنه لا يعرف متى يكون، ماذا أفعل إذا سألني والدي عن وقت الموعد؟ هل يعتبر هذا سرًا لا يجوز لي الكشف عنه؟ هل يجب أن أستخدم التورية أو أقول الحقيقة فقط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل وجوب حفظ أسرار الآخرين وعدم إفشائها؛ لأنها أمانة، وقد قال الله -عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}.

وثبت في سنن أبي داود عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حَدّث الرجل بالحديث ثم التفت، فهي أمانة.

قال المظهري الشيرازي في شرحه على المصابيح: يعني: إذا حدث أحدٌ عندك حديثًا ثم غاب، صار حديثه أمانةً عندك لا يجوز إضاعتها؛ أي: لا يجوز إفشاءُ تلك الحكاية.... انتهى.

وقال الحسن البصري: إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك. اهـ.

فهذا الأمر الذي استكتمك إياه أخوك يعتبر سرا، وعليه فلا يسوغ لك إخبار أبيك بأمر هذا الموعد ما دام أخوك قد أمرك بكتمانه عنه، وهذا ما لم تَدْعُ لذلك مصلحة شرعية، كأن تخشي أن يترتب على الكتمان مضرة على أخيك.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال ابن بطال: الذي عليه أهل العلم أن السر لا يباح به إذا كان على صاحبه منه مضرة.... انتهى.

ويمكنك استخدام التورية عند الحاجة إليها، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، كأن تقولي له: إن أخاك لم يخبرك، تعنين به مثلا في هذا اليوم أو في هذه الليلة أو في هذه اللحظة، ولا تخبريه بأن أخاك قد منعك من إخباره، فإن هذا قد يحزنه، وقد تترتب عليه مفاسد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني