الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للضرورة؟

السؤال

قبل سنة كانت لدي حسابات في الفيسبوك، وكنت أتحدث إلى الشباب. وقد تم اكتشافي من قبل أهلي، وحلفت أن الحسابات ليست لي؛ لأني كنت خائفة. وقد حلفوني على المصحف بأنها ليست لي، فحلفت كذباً، وقمت بإعادة الخطأ أكثر من مرة، ولكنهم بعد أول مرة لم يحلفوني، وقاموا بضربي، وأشياء من هذا القبيل.
وقد تبت الآن، وأريد أن أعرف كيف سيغفر ذنبي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك التوبة إلى الله مما وقعت فيه من المحرمات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه. وعليك بستر النفس، وعدم المجاهرة بالذنب، فلا تخبري أحدًا بما وقعت فيه من المعاصي، فإن الإنسان إذا وقع في معصية يجب عليه أن يستر نفسه، ولا يخبر بها أحدًا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ؛ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ. مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.

قال ابن عبد البر في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: وفيه أيضًا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه، إذا أتى فاحشة. اهـ.

ويجوز لك الكذب إذا احتجت إليه للستر على نفسك، ولكن الأولى أن تستعملي التورية في اليمين.

قال البخاري: باب: المعاريض مندوحة عن الكذب.

وجاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، عند ذكر الأمور التي يرخص فيها في الكذب: فهذَا مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَكَذِبِهِ لِسَتْرِ مَالِ غَيْرِهِ عَنْ ظَالِمٍ، وَإِنْكَارِهِ الْمَعْصِيَةَ لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يُجَاهِرْ الْغَيْرُ بِهَا، بَلْ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا كَانَ مُجَاهِرًا. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية تحت عنوان: الترخيص في اليمين الغموس للضرورة:

إن حرمة اليمين الغموس هي الأصل، فإذا عرض ما يخرجها عن الحرمة لم تكن حراما، ويدل على هذا.

( أولا ) قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:106}

فإذا كان الإكراه يبيح كلمة الكفر، فإباحته لليمين الغموس أولى.

( ثانيا ) آيات الاضطرار إلى أكل الميتة وما شاكلها، كقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173}.

فإذا أباحت الضرورة تناول المحرمات، أباحت النطق بما هو محرم... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني