الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما معنى إكرام الضيف؟ هل أكرمه بما عندي في البيت؟ أم لا بد من إحضار طعام فاخر حسب العرف الذي عندنا؟ وهل الإكرام يكون بالأكل فقط؟ فأحيانا قد يأتي إليك واحد فقط، أو مع أسرته، ولم يقدموا من سفر، لكنهم في نفس مدينتك، لكن لا تلتقي بهم كثيرا، ويكون من الأهل، أو المعارف، وتكون الزيارة قصيرة، مثلا: وقت العصر، أو بعد المغرب، ثم يعودون إلى بيتهم. أم الضيف هو الذي يكون على سفر؟
فالغالب عندنا لا تكون الزيارات معلنة، فقد يأتي لك أشخاص ومعهم مريض فجأة، وفي الغالب يتم استقبالهم بطيب خاطر.
وكيف أتعامل مع الذين يسكنون معنا في الحي؟ هل أحضر لهم طعامًا، وشايًا وقهوة؛ لانهم يأتون إلينا بصفة شبه يومية؟ لأني في الآونة الأخيرة أصبحت لا أحضر لهم أيَّ شيء؛ لأن لهم بيوتًا، ووضعهم مستقر، وبيوتهم قريبة. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإكرام الضيف سنة، لا واجب عند جمهور العلماء، وانظر الفتوى: 221140.

وقد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليكرم ضيفه.

وإكرام الضيف يحصل بما جرى به عرف الناس، ومن ذلك البشاشة في استقباله، وإطعامه ما يكفيه، ونحو ذلك.

قال المناوي: (فليكرم ضيفه) الغني والفقير بطلاقة الوجه، والإتحاف، والزيارة، وقد عظم شأن الجار والضيف حيث قرر حقهما بالإيمان بالله واليوم الآخر. قال ابن تيمية: ولا يحصل الامتثال إلا بالقيام بكفايته، فلو أطعمه بعض كفايته، وتركه جائعا؛ لم يكن له مكرما؛ لانتفاء جزء الإكرام، وإذا انتفى جزؤه انتفى كله.. انتهى

وتَرْك التكلف أحسن؛ لما فيه من إدامة الإكرام، وعدم الملال منه، فإن التكلف يؤدي إلى الانقطاع.

قال القاري في المرقاة: (فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ. قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24] قِيلَ: أَكْرَمَهُمْ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِتَعْجِيلِ قِرَاهُمْ، وَالْقِيَامِ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمْ، وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ لَهُمْ، وَكَانَ سَلْمَانُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَدَعَا مَا حَضَرَ خُبْزًا وَمِلْحًا. وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ نُهِينَا أَنْ يُكَلِّفَ بَعْضُنَا بَعْضًا لَتَكَلَّفْتُ لَكَ. اهـ... إلى أن قال: قَالُوا: وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ، وَطَيِّبِ الْكَلَامِ، وَالْإِطْعَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْأَوَّلِ بِمَقْدُورِهِ وَمُيَسَّرِهِ، وَالْبَاقِي بِمَا حَضَرَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، لِئَلَّا يَثْقُلَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَفْسِهِ. انتهى

والحاصل أن من يطرقك من الناس، ينبغي لك إكرامه بما حضر وتيسر، مما جرى به العرف، فإن جرى بتقديم شيء من المشروبات، ونحو ذلك؛ فهو حسن، وإن كثر طروقه لك، وكفى في الإحسان إليه استقباله بالبشاشة، والكلمة الطيبة؛ فلا بأس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني