الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاشترك في موقع يشترط دفع مال لقاء عمولة مقابل الإعجاب به

السؤال

يوجد برنامج إلكتروني تدفع إليه مبلغا من المال، ويرسل لك 40 مهمة.
في كل مهمة إعلان عن منتج عليه شرح عن السعر وغيره، ويعطيك عمولة مقابل الإعجاب به، وتختلف هذه العمولة من منتج لآخر وهكذا.
علما أنك لا تشتري أي منتج، ولست ملزما بإضافة أشخاص معك، إنما يشترط عليك العمل لإعطائك مقابل عملك.
فهل يجوز هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز الاشتراك في البرنامج المذكور؛ لاشتماله على محاذير، منها: اشتراط دفع المشترك مبلغا من المال. وهذا فيه معنى القمار؛ لأنه يبذل مالا مقابل ما يرجوه من مكاسب، قد تتحقق؛ فيغنم. وقد لا تتحقق؛ فيغرم ما اشترك به.

فالمشترك هو الذي يعمل، ويقدم خدمة، فيستحق عليها العمولة إن كانت الخدمة مشروعة، فلا وجه لأن يبذل هو المال مقابل فعله للخدمة.

لكنّ كثيرا من المواقع والشركات، تتحايل على الناس فتأخذ منهم رسوما؛ طمعا منهم في الأرباح، وتعطي لبعضهم، ويخسر أكثرهم.

وهذا من القمار المحرم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}.

ومن المحاذير -أيضا- في ذلك العمل حتى لو سلم من بذل المشترك للرسوم، وأعفي منها. كون العمل هو مجرد إبداء إعجاب بالسلعة، وقد لا تستحق الإعجاب، بل ضده. فيظهرها أصحابها للناس وكأنها مرغوبة بسبب تلك الإعجابات، فينخدعون بذلك.

وهذا من الغش المحرم، والتدليس الممنوع، والتشبع بما ليس بحق، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليس منا. أخرجه مسلم عن أبي هريرة. وأخرج عنه أيضًا: من غش فليس مني. وأخرج الطبراني أيضًا: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار.

وفي صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المُتشبِّع بما لم يُعط، كلابس ثوبي زور.

قال العلماء: معناه: المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر للناس أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل. اهـ.

وعليه؛ فهي ظلمات بعضها فوق بعض، فليجتنبها المرء. وسبل الكسب الحلال الطيب، كثيرة لمن تحراها وابتغاها.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي: إن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها. فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب.

وهو في الحلية لأبي نعيم عن أبي أمامة -رضي الله عنه- وعزاه ابن حجر لابن أبي الدنيا، وذكر أن الحاكم صححه من طريق ابن مسعود.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني