الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوقف على حملة القرآن والذرية ما يلزم منه وما لا يلزم

السؤال

اشترى والدي عقارا منذ ثلاثين عامًا من أحد الأشخاص، الذى ورث العقار عن أمه. وقد توفي والدي منذ عشر سنين، وهذا العقار كان عبارة عن أربعة طوابق مؤجرة إيجارًا قديمًا بإجمالي: 40 ج شهريا. فقمت أنا وإخوتي بالتفاهم مع سكان الدور الأرضي بأخذ مبلغ مالي للخروج والمغادرة، وقمنا بتحويله لمحلات، وأصبح يدر دخلا جيدا.
ففوجئنا أن هيئة الأوقاف أرسلت لنا أن هذا العقار به حصة للأوقاف، وبمراجعتهم اتضح أن السيدة صاحبة العقار قامت في عام: 1944، بوقف العقار، وقفا أهليا على ذريتها، واشترطت على ناظر الوقف إخراج مبلغ جنيهين شهريا، لعمل ختمات من القرآن في البيت، و40 قرشا لحملة كتاب الله، ثم في عام: 1952، صدر قانون يلزم أصحاب الوقف الأهلي بإلغائه ـ قانون: 180، لسنة: 1952.
فذهبت السيدة بنفسها، وقامت بإلغاء الوقف، إلا أن هيئة الأوقاف تقول إن ماتم إلغاؤه هو حصة الورثة، وأن حصة الخيرات لا يجوز إلغاؤها، وتطالبنا بإيجار: 4000 جنيه شهريا، مقابل هذه الحصة، فهل ما طلبته السيدة من إخراج جنيهين شهريا يعد وقفا خيريا؟ وهل أنا وإخوتي مطالبون فعلا بسداد هذه القيمة، رغم أننا الذين قمنا بإنشاء المحلات على نفقتنا، وأصبح العقار يدر هذا الإيراد؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا يتلخص فيما يلي:

أولا: المسائل التي فيها خلاف ينبغي رفعها إلى المحكمة الشرعية، أو مشافهة من يصلح للفصل في ذلك من أهل العلم، إن لم توجد محاكم شرعية؛ فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك، وأما المفتي: فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوّره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.

ثانيا: لا يمكننا الحكم على إلغاء المرأة لذلك الوقف الذي أوقفته أولا، ولا الحكم بكونها ألغت نصيب الورثة فقط، لأن هذا يتطلب معرفة نص الوقف، وهل وقفها أصلا متفق على صحته، أو مختلف فيه، وحكمت المحكمة ببطلانه بناء على ترجيحها لعدم الصحة، والذي يمكننا قوله باختصار هو أنكم تطالبون إدارة الوقف بصورة العقد، ومن ثم ينظر فيما يترتب عليه، كما أن الاختلاف بينكم، وبين إدارة الوقف يرجع في فصله إلى المحاكم الشرعية ـ كما ذكرنا.

ثالثا: الوقف على حملة القرآن، ونحوهم إذا تم، فإنه عقد لازم، وليس للواقف الرجوع عنه، ولا فسخه، ولا إلغاؤه، ولا يباع الموقوف، قال في المقنع: وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالَةٍ، وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.. إلخ.

وأما الذرية كما هو معلوم: فمنهم الوارث، ومنهم غير الوارث، والوقف على غير الوارث وقف صحيح، يمضي في حدود الثلث، والوقف على الوارث مختلف في صحته بين الفقهاء، كما بينا أقوالهم في الفتوى: 175555.

والخلاصة أنه لا بد من رفع مسألتكم إلى المحكمة الشرعية إن كانت، أو مشافهة من يصلح للفصل في ذلك من أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني