الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المواطأة بين المقرض والمقترض على نفع المقرض ربا

السؤال

بعض الفلاحين يذهب إلى السوق قبل بدو صلاح سلعته بأشهر، ويطلب من المعلم في السوق مبلغا من المال، والغالبية العظمى من المعلمين في السوق يعطون المال، ويشترطون أن يحضر الزرع عندهم، وإن لم يحضره، فإنهم سيأخذون المبلغ الذي دفعوه، وزيادة، وإن لم يدفع ربما سجنوه، ووجدنا معلما من هؤلاء يقول: أنا أعطيه المال قرضا، ولا أشترط عليه، لكن الفلاح يعلم أنه لا يستطيع أن يرسل زرعه إلى غيري، وهي كذلك نيتي، ولو أرسل زرعه إلى غيري فإنني أذهب إليه مباشرة، وأطلب منه مالي دون زيادة، فهل هذه الصورة الأخيرة جائزة؟ أم هي أيضا من باب القرض الذي جر النفع، وتدخل في باب سلف، وبيع؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن القرض بشرط أن يبيع المقترض على المقرض شيئا لا يجوز، لأن كل شرط يجر نفعا للمقرض، فهو ربا، وفي حكم الاشتراط: المواطأة بين المقرض والمقترض على نفع المقرض ببيع، أو غيره.

قال ابن قدامة في الكافي: ولا يجوز أن يشترط في القرض شرطا يجر به نفعا، مثل أن يشترط رد أجود منه، أو أكثر، أو أن يبيعه، أو أن يشتري منه، أو يؤجره، أو يستأجر منه، أو يهدي له، أو يعمل له عملا، ونحوه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع، وسلف ـ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح ـ وعن أبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهم - أنهم نهوا عن قرض جر منفعة؛ ولأنه عقد إرفاق، وشرط ذلك يخرجه عن موضوعه... وإن وفى خيرا منه في القدر، أو الصفة من غير شرط، ولا مواطأة، جاز؛ لحديث أبي رافع: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسلف من رجل بَكراً، فقدمت عليه إبل للصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكره، فرجع إليه أبو رافع، فقال: يا رسول الله؛ لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: أعطه إياه، فإن من خير الناس أحسنهم قضاء ـ رواه مسلم .اهـ.

وما ذكرته في الشخص الذي لا يشترط صراحة في القرض، لكن العادة جارية به، ويتأكد هذا بأنه إذا لم يحضر المقترض زرعه للمقرض، فإن المقرض يطلب منه مباشرة قضاء الدين، فيعد هذا بمثابة الشرط، فلا يجوز.

جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل، لعليش: ومثل لجر المنفعة، فقال: كشرط قضاء شيء عفن، بفتح العين المهملة، وكسر الفاء ـ أي متعفن ـ أو مسوس، بشيء سالم من العفن، والسوس، ومبلول بيابس، وقديم بجديد، فيمنع على المشهور، وقيد اللخمي المنع بما إذا لم يقم دليل على إرادة نفع المتسلف فقط، وإلا جاز، والعادة العامة، أو الخاصة كالشرط، ومفهوم الشرط جواز قضاء عفن بسالم إذا كان بلا شرط، ولا عادة، وهو كذلك، لأنه حسن قضاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس أحسنهم قضاء. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني