الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من العقوق عدم الانتقال مع الوالدين إلى بيت آخر؟

السؤال

قرر والداي تغيير الإقامة من مدينتنا التي ترعرعنا فيها، إلى قرية ساحلية، وقد رفضت أن أغير الإقامة، بحكم أنني أدرس في الجامعة للسنة الثالثة، وهذا التغيير قد يعيقني في مواصلة الدراسة، بحكم عدم وجود نفس التخصص، بالإضافة إلى المسافة البعيدة بين تلك القرية والجامعة. وغير ذلك أني لم أفهم السبب الذي جعل والدي يغيران البيت والمدينة، ولم نقبل -أنا وأخي الصغير- ذلك. وهذا دفعني إلى أن أقيم في بيت جدي، أولا: من أجل الدراسة، وثانيا: لأن تلك القرية لا تتوفر فيها كثير من الأمور، مثل: قلة فرص العمل، بالإضافة إلى البعد بينها، وبين الجامعة. فما حكم كل هذا في الشرع؟ وهل يعتبر ذلك من عقوق الوالدين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت من حاجتك إلى البقاء في المدينة لمواصلة الدراسة؛ فلا نرى عليك حرجا -إن شاء الله- في بقائك في المدينة؛ بشرط مداومتك على برّ والديك، والإحسان إليهما، ومتى أمكنك الانتقال مع والديك من غير ضرر يلحقك؛ فهذا أولى، وأفضل.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. انتهى.

وسواء بقيت في المدينة، أو انتقلت مع والديك؛ فالواجب عليك أن تبرّ والديك، وتحسن صحبتهما، فبر الوالدين من أوجب الواجبات، وهو من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة.

ففي الأدب المفرد للبخاري: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ، وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني